2012/05/14

اعتداءات جسدية ولفظية على أشخاص ذوي إعاقة داخل دور رعاية "خاصة"

صعوبة البوح بما يحصل مع هذه الفئة وتضارب المرجعيات يساهم في تفشي الاعتداءات عليها بصمت 
اعتداءات جسدية ولفظية على أشخاص ذوي إعاقة داخل دور رعاية "خاصة"
تحقيق موثق وجريء لبي بي سي بكاميرات سرية عن حكايات لا تصدق تجري في عمان 
حرمان من الطعام وضرب وحرق بالأسيد وانتهاكات جنسية وتعذيب نفسي وجسدي

تحقيق: حنان خندقجي
عمان- في إحدى زوايا مركز خاص لإيواء الأشخاص ذوي الإعاقة في عمان الغربية جلس حسان على كرسي بلاستيكي، وقد ربط خصره كي لا يتحرك.
فهو، كما فسرت مشرفته، "كثير الحركة، ولا يعرف الجلوس في مكان واحد، ولا يميز بين الأشياء، فقد يسكب المواد الساخنة على جسده دون أن يشعر".
في الطابق السفلي، يغتسل مراد، ثماني سنوات، تحت الماء البارد بمفرده، بعد أن ضربته المشرفة أمام ناظري كاتبة التحقيق، ثم طردته من الصف، لأنه وسخ ثيابه "عن غير قصد" أثناء تناوله المثلجات.
"الدعاء" على الاطفال لا ينتهي على لسان إحدى المشرفات: "خلص، الله ياخدكم ويريّحني منكم".
فهدير الرعد في صوتها يرعب الطلاب، ويجمدهم في مقاعدهم، لأنهم يعرفون تماما أن القصاص سيأتيهم على شكل ضرب أو ربط إلى الكرسي، حرمان من الإفطار أو المعاقبة بوضع المذنب خلف الخزانة.
يوثق هذا التحقيق لانتهاكات جسدية ولفظية من ضرب، شتائم، إساءة وإهمال بحق عدد من الطلاب، ذوي الإعاقة من نزلاء عدد من دور الرعاية الخاصة في الأردن، والبالغ عددها 45 مركزا، بحسب الإحصاءات الأخيرة لوزارة التنمية الإجتماعية.
ينتسب إلى كل مركز ما لا يقل عن خمسة معوقين، ولا يزيد على 154، بين قسمي الداخلي والخارجي. في المقابل هناك 24 مركزا حكوميا في مجال الإعاقة، تتبع لوزارة التنمية الاجتماعية، ينتسب إليها بين 19 و 208 نزلاء، بين الداخلي والخارجي.
تبادل للاتهامات يفاقم مشكلة الرعاية الخاصة للمعوقين
يفاقم هذا الوضع تبادل الاتهامات بالتقصير بين وزارة التنمية الاجتماعية، الجهة المشرفة على هذه المراكز، والمجلس الأعلى لشؤون الأشخاص من ذوي الإعاقة، الجهة المسؤولة عن متابعة أحوال المعوقين منذ 2006.
تطوعت كاتبة التحقيق لدى واحد من خمسة مراكز تربية خاصة، تقع في عمان الغربية، لمدة أسبوعين، ولمرتين متباعدتين، يفصل بينهما قرابة العام، كشفت خلالها استمرار الانتهاكات، التي حصلت أمام عينيها تجاه عدد من ذوي الإعاقات البسيطة والمتوسطة، وسط ضعف رقابة الجهات المسؤولة عن هذه المراكز.
وضع دانيا، 13 ربيعا، والمصابة بالشلل الرباعي، لم يتغير كثيرا خلال فترتي الرصد.
تنام تلك الفتاة على السرير طوال الوقت، ولا تحركها مشرفتها إلا لإطعامها، أو تبديل ملابسها. كذلك حال رفيقها خالد (14 عاما)، المصاب بضمور في جسده، يبقى في السرير دون حراك، وفي حال اشفقت مشرفته على حاله، وقررت تخليصه من قفصه ذاك، تنزله عن سريره لتربطه إلى كرسي قريب.
الطفل حسان ما يزال يجلس في ذات المكان، ويلتف الحبل حول خصره حتى لا يتحرك. أما مراد، فقد عجزت مشرفته منذ السنة الماضية عن أن تعلمه حرف "أ"، وقد كانت تكرر دائما "ما في منك فايدة، ليش بدي ادرسك".
للتأكد من حصول الانتهاكات في مراكز أخرى تعنى بالأشخاص ذوي الإعاقة استعانت كاتبة التحقيق بمتطوعة أخرى، استطاعت الدخول الى أحد المراكز الخاصة في عمان الغربية، وسجلت الاعتداءات الواقعة على الأطفال من ذوي الإعاقة، داخل المركز، ما يؤشر الى إخفاقات منهجية في حماية حقوق المعوقين في مراكز يفترض أن ترعاهم.
التقت متطوعتنا بطفل يعاني التهابات حادة في أصابع قدميه، جراء تكاثر البكتيريا والأوساخ عليها، نتيجة قلة الاعتناء بنظافته من قبل القائمين على المركز.
وفي ذات المكان، لوحظ طفل آخر وهو يُركل بالأقدام من مشرفة إلى أخرى لإيصاله الحمام، وآخر يحمل كالماشية المذبوحة وينقل إلى غرفة الطعام لتناول الطعام.
صدفة تبين لكاتبة التحقيق أن المركزين يعودان للمالك ذاته، وحين تمت مواجهته بكتاب أرسلته كاتبة التحقيق له عبر الايميل، متضمنا الانتهاكات التي رصدت في المركز رفض التعليق.
مسلسل الاعتداءات الجسدية يستمر
خالد ابو دقة لم يكن يعلم، عندما ترك ابنه يوسف قبل بضعة أشهر في أحد أكبر المراكز الخاصة في عمان، انه سيعود ليجد فلذة كبده جليسا في أحد المستشفيات الحكومية، بعد أن تعرض لحروق من الدرجة الثانية والثالثة اثناء تواجده بالمركز.

أبو دقة لم يصدق رواية المشرف، الذي ادعى أن يوسف سكب على نفسه المياه الساخنة، أثناء انشغاله بالرد على الهاتف، ويقول: "وردني اتصال من إدارة المركز قبل بضعة أسابيع، مفاده ان ابني تعرض لبعض الحروق البسيطة في المركز، للوهلة الاولى لم اكترث الا انني حجزت بأول طائرة متجهة الى عمان، وتوجهت الى المستشفى، وبعد رؤيتي لخالد اصبت بصدمة فهو يعاني من حروق شديدة عكس ما اخبرني المركز".

الطفل يوسف أبو دقة الذي تعرض لحادث حرق في مركز رعاية خاص أثناء العلاج 
التقارير الرسمية، المرفقة مع التحقيق لحالة ابو دقة، والصادرة عن المركز الوطني للطب الشرعي، تؤكد أنه "تم حرق الطفل بمواد لهبية كيماوية حارقة، وان الحرق ليس ناتجا عن الماء، ويؤكد ان توزيع الحروق وماهيتها لا يمكن الجزم بأنها عرضية". توجه ابو دقة الى القضاء أملا في حصوله على كافة حقوقه، وحتى لا يتكرر المشهد مع اطفال اخرين، حسب قوله، وللآن ما تزال القضية منظورة امام المحاكم منذ ما يقارب سبعة اشهر. من جهته بين محامي المركز الخاص ان ما حدث ليوسف هو "حادث عرضي"، وان ادارة المركز تعاملت مع الحالة بكل انسانية، وقامت بنقله الى المستشفى، وتحملت نفقات العلاج، مبينا انه حاليا لا يستطيع التعليق اكثر على القضية بانتظار صدور حكم المحكمة.
طفل يتحول لكتلة لحم
حال نصار الشماعين، والد الطفل أحمد، ليس أفضل من غيره من اولياء الامور. يقول الأب بحرقة "منذ تعرض ابني للضرب المبرح على يد مشرفة في أحد مراكز ايواء الأشخاص ذوي الإعاقة الخاصة، وحالته النفسية تزداد سوءا يوما بعد يوم. ككتلة اللحم أحمل ابني وأتنقل به من مكان إلى آخر، فوزنه الآن لا يتجاوز 20 كغم، مع أنه في الخامسة عشرة. ويضيف: "كنت دائما أحرص على التحدث بالهاتف مع ابني في المركز، لأنهم كانوا يطلبون مني دائما ألا أتردد على المركز حتى يعتاد ابني على أجوائه".
ويعتصر أبو أحمد ألما وهو يشرح معاناة ولده: "لم يمض على وجوده في مركز رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة سوى 20 يوما حتى تعرض للضرب على نحو غامض. حين زرته وسألت عنه، قالوا لي إنه في الطابق العلوي يبدل ملابسه. وبعد انتظار أكثر من نصف ساعة، صعدت إلى غرفة ابني لأجد رأسه مضمدا بالشاش، وعلى جسمه العديد من الكدمات". ولدى سؤاله عن السبب؟ قالت له المشرفة: "لقد وقع عن الخزانة".

الطفل أحمد نصار الشماعين يتلقى العلاج بعد إصابته في أحد مراكز الرعاية الخاصة
الأب الحزين لم يصدق رواية المشرفة. حمل ابنه وانطلق به إلى مدينة الحسين الطبية، ليكشف له الطبيب أن ابنه "تعرض لضرب مبرح، أدى لكسر في الساعد الأيسر، وشعر في الأصبع الأوسط لليد اليمنى، وجرح في فروة الرأس".
الوثائق الطبية الرسمية من مدينة الحسين والتقرير الطبي القضائي من مستشفى الجامعة، المرفقة بالتحقيق، أكدا صحة رواية الرجل.
من جهته، وصف مدير المركز الخاص، الذي وقع فيه الحادث، ما حصل بـ "العرضي". مؤكدا أن احمد قام "برمي نفسه من على سريره باتجاه الخزانة التي اصابت رأسه". واضاف "لقد قمنا بنقل احمد الى احد المستشفيات القريبة، وقدموا له الإسعافات اللازمة والتقارير الطبية تثبت تسليمه الى والده، وهو يعاني من اصابات في الرأس فحسب".
مأساة أحمد لا تختلف كثيرا عن معاناة ابنة أم جابر، التي سارعت لسحبها بعد أن سجلتها في أحد مراكز رعاية المعوقين الخاصة. تقول أم جابر: "ابنتي عادت لي في أحد الأيام، وقد ظهرت على قدميها آثار ضرب وتعذيب، وعندما سألتها عن السبب قالت لي إن المعلمة هي من تقوم بضربها كلما أرادت دخول الحمام".
ضرب إجباري واخر اختياري
المشرف محمود يبرر تنوع صنوف الضرب بأنه "جزء من العلاج، أو لتنفيس حالة المشرف النفسية"!
"عندما يصاب شخص شديد الإعاقة بنوبات صرع أو تشنج، ولا يستجيب للأدوية أو المسكنات، يكون الحل الوحيد لدينا هو ضرب المعاق، حتى يهدأ وتنتهي الحالة التي دخل فيها، وهذا ما يسمى لدينا بالضرب الإجباري"، يشرح المشرف بثقة عالية.
"أما الضرب الاختياري، عندما يكون المشرف في حالة نفسية صعبة ويصل إلى حد لا يطاق من الضغوط في المركز، فإنه ينفس عن ذاته من خلال الطلاب، وعن طريق الضرب والشتم"، مسهبا في شرح تلك المفاهيم.
تشخيص محمود لا يندرج في كتب العلم. إذ يؤكد استشاري الأمراض العصبية والنفسية الدكتور محمد الشوبكي ان "الضرب لم يكن يوما وسيلة علاجية لأي نوع من الأمراض حتى النفسية منها"، محذرا من أنه "يزيد حالات التشنج ونوبات الصرع لدى الأشخاص ذوي الإعاقة".
شهادات غير موثقة لاعتداءات جنسية
شهادات عدة رصدناها خلال تحقيقنا على لسان أهالي الطلاب ذوي الإعاقة، يؤكدون فيها تعرض أبنائهم لاعتداءات جنسية، على ايدي مشرفين في المركز أو سائقي حافلات، لكننا لم نستطع التأكد من ذلك بصورة مستقلة.
لم تتقدم عائلة غيداء بشكوى رسمية لأية جهة حكومية أو غيرها، بعد قيام صاحب الحافلة بالاعتداء الجنسي على أختها، لعدم ثقتها بالإجراءات المتبعة في حال تقديم الشكوى، وخوفا من "الفضيحة"، على ما تزعم شقيقتها.
من جهته، يسرد المشرف أمجد (اسم مستعار)، الذي عمل في واحد من المراكز الخاصة، التي رصدنا في داخلها انتهاكات، بعض قصص التحرش الجنسي التي عاصرها، كما يقول.
"داومت لمدة تزيد على الشهرين مشرف ليلي، وذات مرة وخلال جولتي على إحدى الغرف لاحظت وجود طلاب ذكور يقومون بالاعتداء الجنسي على بعضهم البعض".
ويضيف أمجد "كنت أقوم بعمل ملف خاص عن كل حالة. وفي حال اكتشفت أن هذا الشخص يعاني من شذوذ جنسي، كنا نقوم بفصل هذا الطالب عن بقية الطلاب ووضعه في غرفة منفصلة، ولكن كنا حريصين على أن لا يعلم احد بحالة هذا الطالب لخوفنا على سمعة المركز والمشرفين".
أوضاع عمل المشرفين على هذه المراكز صعبة، كما لاحظ الكاتب؛ فسمية (اسم مستعار أيضا)، المشرفة على المنتفعين منذ ما يقارب ثماني سنوات، لا تجد في مرتبها (200 دينار) أي حافز يجعلها تحب الطلاب أو تعاملهم برفق، على ما تقول، لأنها تعمل على مدار 24 ساعة في المركز ومقابل يومي إجازة نهاية الأسبوع، كما بررت.
صعوبة الزيارات تعرقل متابعة الأهل لأبنائهم
زيارات الأهل والأقارب لهذه المراكز ليست سهلة؛ إذ تتطلب إذنا مسبقا من إدارة المركز. أما التطوع للعمل بداخلها فهو شبه مغلق، بحجة أن المعوق "يحتاج إلى شخص مؤهل وصاحب اختصاص للعمل معه"، كما أكد لنا المشرف في أحد المراكز الخاصة، سمير (اسم مستعار).
يؤكد سمير وجود شروط لزيارة الأهل، "فبعض المراكز تخصص يوما واحدا للزيارة ولا يسمح للأهل بزيارة ابنهم إلا بعد التنسيق المسبق مع الإدارة".
"رغم مكوث أخي لمدة تزيد على ثلاث سنوات داخل أحد المراكز الخاصة في شرق عمان، فإننا ما نزال ولهذه اللحظة نعاني عندما نقرر زيارته"، هذا ما تقوله منى، التي تبلغ الثلاثين ربيعا عن أخيها الأربعيني، الذي يعاني من إعاقة عقلية، تمنعه من التحدث والتواصل مع الآخرين .
وتضيف منى "تمنعنا إدارة المركز من الصعود إلى غرفة أخي لزيارته، بحجة أن له خصوصية ولا يسمح لأي شخص بتجاوزها. فهم يجبروننا على الانتظار في إحدى القاعات ومن ثم يقومون بإنزال أخي".
الأهل يخافون التقدم بالشكاوى
"خوف دائم يطارد الأهل إن قرروا التقدم بالشكوى لأية جهة رسمية في حال تعرض ابنهم للاعتداء، لأنه سيكون مهددا بالطرد في أي وقت"، هذا ما تلمسه رئيسة وحدة الرصد والشكاوى في المركز الوطني لحقوق الإنسان كريستين فضول.
فضول ترى أن هذا الحاجز يفسر اقتصار الشكاوى، الواردة للمركز منذ ثماني سنوات على اثنتين فقط، تتعلقان بانتهاكات رصدت داخل مراكز الأشخاص ذوي الإعاقة. وبعد التحري وجد المركز أن الشكوى الأولى "قدمت كيدية" بحق المركز، وقدمت من قبل أهالي الحي نتيجة عدم رضاهم عن وجوده داخل حيهم. أما الشكوى الثانية فتبين أن الوضع المادي لأهل الطفل جيد، وباستطاعتهم استيعاب هذا الطفل بينهم، ولكنهم أصروا على وضعه في أحد المراكز الحكومية، للانتفاع من اعفائهم بعدم دفع الاقساط او دفع جزء بسيط منها، والذي يقدم لهؤلاء الأشخاص بدل أن يسكن بينهم"، على ما تشرح فضول.
في الإجمال، يصل المركز الوطني 40 شكوى سنويا "عن انتهاكات خارج المراكز"، يقدمها أشخاص معوقون أو ذووهم . على أن المركز رصد العام 2010 وحده أكثر من 500 حالة انتهاك خارج مراكز الأشخاص ذوي الإعاقة، ما بين "الحق في العمل، والحق في الرعاية الصحية والحق في التعليم".
الجهات المعنية.. تبادل للاتهامات وتنصل من المسؤولية
رغم رصد التحقيق لأكثر من عشرة مراكز وقعت بداخلها انتهاكات جسدية، أو اتهامات، لم يتم التثبت من صحتها، باعتداءات جنسية، إلا أن الناطق الإعلامي باسم وزارة التنمية الاجتماعية فواز الرطروط أكد أنه تم إغلاق مركزين فقط خلال السنتين الأخيرتين، لمخالفات عدة وقعت داخلهما، كما وجهت إنذارات لأحد عشر مركزا بعد رصد مخالفات عدة داخلها.
رفض الرطروط تحديد نوع الانتهاكات، عند سؤاله عن ذلك "حفاظا على سرية المراكز"، ورغبة في عدم الكشف عن اسمائها. ويضيف الرطروط: "في حال ثبتت انتهاكات في أحد المراكز نحيل القضية إلى إدارة حماية الأسرة، التي تحقق شرطيا، ومن ثم تحيلها إلى النيابة العامة، للتحقق من الإساءة قبل إحالة القضية إلى المحكمة المختصة لمعاقبة مرتكبي الإساءات".
وزارة التنمية مسؤولة قانونيا عن رعاية شؤون الأشخاص من ذوي الإعاقة، المقدر عددهم بـ 62986 شخصا، بحسب الارقام الرسمية. وتتابع الوزارة شؤون هذه الشريحة بموجب نظام مراكز ومؤسسات الأشخاص ذوي الإعاقة، رقم 96 لسنة 2008، والتعليمات الصادرة بمقتضاه العام 2010.
أما المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص الأشخاص ذوي الإعاقة، فيدعم ما يقارب 800 معوق، موزعين على 54 مركزا خاصا. وفوق ذلك تتقاضى المراكز أقساطا سنوية تتراوح بين 5000 إلى 16 ألف دينار عن النزيل الداخلي "المبيت"، و 250 إلى 500 للتعليم الخارجي "بدون مبيت". أمين عام المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين الدكتورة أمل النحاس، حملت مسؤولية الانتهاكات بحق الأشخاص ذوي الإعاقة لمن يتعامل مباشرة معهم، وهم "المشرفون بالدرجة الأولى والأهل والوزارات المسؤولة عن متابعة مراكز الأشخاص ذوي الإعاقة". وطالبت النحاس الجهة، التي تمنح التراخيص للمراكز- وزارة التنمية الاجتماعية- "بتشديد الرقابة على المراكز أو إعطاء صلاحية المتابعة لجهة أخرى".
أما الناطق الإعلامي باسم وزارة التنمية الاجتماعية فواز الرطروط فقال: إنه لا يجوز لأحد الحديث عن دور الوزارة، فهي تقوم بدورها على أكمل وجه من دون أي تقصير، معيدا كرة التقصير مرة أخرى إلى ملعب المجلس الأعلى.
بيد أن مديرة مركز أمان للتربية الخاصة (مؤسسة خاصة) ريم أبو سيدو فحملت مسؤولية ما يحصل من انتهاكات للمعوقين في المراكز الخاصة للجهات الحكومية جميعها، ممثلة بالمجلس الأعلى، ووزارة التنمية الاجتماعية، لأنها "تمثل الجهات المخولة بالإشراف والرقابة على المراكز"، مؤكدة وجود تقصير بالإشراف من قبلها وغياب التنسيق في العمل والمهام بينها.
وفي ذات السياق، أكد الناشط الحقوقي في قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة عدنان الكفريني علمه بالانتهاكات التي تحصل داخل مراكز خاصة، وحمل مسؤولية ما يحدث إلى المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة، "الذي لم ينصفهم ولم يعطهم حقوقهم" حسب قوله.
مهنة إنسانية ولكن
لا تخفي المشرفة نهى، التي تعمل منذ عشر سنوات في أحد المراكز الخاصة، المعاناة التي لحقت بها في بداية عملها جراء تعاملها مع أطفال معوقين، لا يدركون تصرفاتهم، وتقول: "مهنة الإشراف والتعامل مع هؤلاء الأطفال هي مهنة إنسانية، وتحتاج إلى إحساس عال بالمسؤولية، كما تحتاج إلى شخص قادر على التعامل مع هؤلاء الأطفال، فهي ليست كالمهن الأخرى".
استشاري الأمراض العصبية والنفسية الدكتور محمد الشوبكي يرى، من خلال تجربته، أن مراكز الأطفال الأشخاص ذوي الإعاقة "تفتقر إلى الرعاية والتأهيل". ويؤكد الشوبكي "أن بعض الأشخاص ذوي الإعاقة تزداد حالتهم سوءا بعد دخولهم لهذه المراكز، ذلك أنها أضحت ملاجئ تحوي الأشخاص ذوي الإعاقة، وليست مراكز لتأهيلهم". داعيا إلى "إغلاقها بواقعها السيئ، بدل أن تبقى على هذه الحال".
بين مقاربتي وزارة التنمية الاجتماعية والمجلس الأعلى لحقوق المعوقين من جهة، وبين خشية الأهل على حقوق اطفالهم المعوقين لدى الحديث الى الصحافة، والربح المادي المضمون لهذه المراكز الخاصة، تضيع حقوق أصحاب الإعاقات.

•انجز هذا التحقيق بدعم وإشراف شبكة اريج (إعلاميون من اجل صحافة استقصائية عربية)، وراديو البلد، وبإشراف الزميلين سعد حتر ومجدولين علان. وتبث هيئة الاذاعة والتلفزيون البريطانية "bbc " واذاعة "راديو البلد" عصر اليوم برنامجا مفصلا عن هذا التحقيق عبر وسائطهما المتعددة.

2012/04/01

"إفتعال المرض بالطفل" أشد أنوع العنف ضد الأطفال خطرأ وغموضا

الدكتور هاني جهشان مستشار الطب الشرعي
الخبير لدى منظمات الأمم المتحدة في مواجهة العنف ضد الأطفال
    "إفتعال المرض" بالطفل من قبل شخص يرعاه كأمه مثلا، هو أكثر أنواع إساءة معاملة الأطفال غموضا وتتصف بالإثارة أحيانا، وبالإنكار أحيانا أخرى. الوصف السريري لحالة "إفتعال المرض بالطفل" وهو ما يعرف طبيا بـ "متلازمة مانهاوسن بالإمتداد"، يتكون من أصطناع أعراض أو علامات مرضية بالطفل من قبل المسيء تشبه أحد الأمراض التي قد يصاب بها الأطفال، بهدف إيهام الأطباء وخداعهم لإدخال الطفل للمستشفى وإجراء فحوص مخبرية له وفي بعض الأحيان إجراء التداخلات العلاجية وحتى الجراحية لدواعي ليسىت حقيقة وإنما هي مخادعة ووهيمة ومصطنعة.
إصطناع الأعراض والعلامات المرضية بالطفل يؤدي إلى أحد أشكال هذه المتلازمة الثلاثة وهي (1) معاناة الطفل من مرض مُحيّر لفترة طويلة وهذا المرض مستعصي على التشخيص الطبي الواضح وبدون إستجابة للعلاج (2) معاناة الطفل من مرض غريب الأطوار لا يتفق لما هو موثق بالأدبيات الطبية، أو من مرض غير متوقع حدوثه في مثل عمر الطفل أو مبالغة في شدة أعرض وعلامات المرض المشتبه به (3) أعراض لا تشاهد إلا من قبل المسيء ولا يتم مشاهدتها من قبل الأطباء والممرضات في المستشفى وتزول عند إبتعاد المسيء عن الطفل، ويكون التقيم السريري للطفل طبيعيا.
فقد يُدعى بمعاناة الطفل من تشنجات بأطرافه وأنها زالت حال وصولة المستشفى ويتوقع من أي طبيب في الأسعاف أن يأخذ هذا الكلام بجدية مطلقة والتعامل الطبيعي في مثل هذه الاحول هو تصديق راعي الطفل، والشك به هو الإستثناء، وقد تُحدَث التشنجات حقيقة بأعطاء الطفل عقاقير أو مواد سامة محفزة للدماغ أو إضافة الملح إلى طعامه وشرابه، وقد تُفتعل التشنجات أيضا بالضغط على عنق الطفل جزئيا أو كتم نفسه بهدف إحداث التشنجات وبالتالي خداع الأطباء بهدف إدخاله المستشفى، ولا يكون الدافع هنا بالضرورة قتل الطفل.
وقد يُدعى بمعاناة الطفل من وجود دماء في بوله وهذه تُصطنع بإضافة دم من المسيئ إلى عبوة دم الطفل المرسلة للمختبر وقد يكون من دم حيض الأم المسيئة أو إضافة صبغة ملونه لبوله، وقد يُحدث النزف بإعطاء الطفل مميعا للدم من مثل الورفرين أو سماً كالفينولفثلين، أو إحداث نزفا معويا بإعطاء الطفل مواد مهيجة للغشاء المخاطي للمعدة والأمعاء.
 في كثير من حالات "إفتعال الأمراض بالأطفال" تكون على شكل الإدعاء بمعاناة الطفل من فقدان للوعي ودخوله في غيبوبة أو معاناته من توقف التنفس، وقد تُحدث هذه الأعراض بالطفل حقيقة بتسميمه بالعقاقير أو السموم الكابحة للجهاز العصبي المركزي كالعقاقير المهدئة والمنومة والكابحة لمرض الصرع. وقد يكون إصطناع الإسهال والقيء شكل أخر من أشكال "إفتعال الأمراض بالأطفال" بأعطائة العقاقير المسهلة أو المهيجة للمعدة.
قد يُدعى بإرتفاع درجة حرارة الطفل بالخداع بملامسة ميزان الحرارة لمصدر التدفئة بغرفة المستشفى او التلاعب في رسم الحرارة على ملفه بجانب سريره، وقد يُحدث طفح جلدي بتعريضه لمحرشات كيماوية أو أصباغ.
وقد تصطنع هذه المتلازمة في الأطفال الذين يعانون من الإعاقات بمختلف أشكالها، فقد لا تقدم للطفل المعاق الرعاية المناسبة لحالته مما يؤدي تفاقم عجزه أو الإخفاق بتقديم العلاج التأهيلي الضروري لتحسين حالته، وقد يُدعى في حالات أخرى من معاناة الطفل من أعاقة ليست موجودة أصلا أو الإدعاء بحاجة الطفل لأن يكون على وجبات طعام خاصة لمرض معين لا يعاني منه الطفل حقيقة.
على الرغم مما وصف سابقا من أمثلة لأعراض ولعلامات مصطنعة تُحدث بالطفل المساء إليه الإ أن هناك نطاق أوسع من العلامات والأعرض التي قد تُحْدَث بالطفل لا يمكن حصرها وتعتمد مباشرة على ثقافة المسيء ومعرفته وإطلاعه على المعلومات الطبية والعلاجية.
لقد بينت الأدبيات الطبية المتعلقة بهذه المتلازمة أن معدل عمر الطفل لدى تشخيصها هو حولي الثلاثة سنوات فقد يتعرض لها طفل رضيع أو طفل يبلغ من العمر عدة سنوات، وبالمعدل يتم تشخيص هذه المتلازمة بعد حوالي 15 شهرا من تاريخ بداية الإدعاء بالأعراض، وقد تكون عواقب هذه المتلازمة قاتلة على المدى القريب أو البعيد بنسبة 9% من الحالات وتحدث عاهات أو أمراض دائمة بالطفل بنسبة 8% من الحالات من مثل الإخفاق بالنمو أو الشلل الدماغي، واكثر الحالات خطورة هي التي يقل فيها عمر الطفل عن ثلاثة سنوات، أو أن يكون هناك تفككاً أسرياً، وكذلك الحالات التي لا يتم فيها الإستعانة بنظم حماية الطفل المتوفرة وطنيا.
بناءً على أن أساس العلاقة ما بين الطبيب وراعي الطفل هو الثقة المتبادلة وتحقيق المصلحة الفضلى للطفل فبالعادة يصدق الطبيب كل التفاصيل التي تروى له عن السيرة المرضية للطفل ولا يتولد لديه الشك الإ في وقت لاحق إذا أُشتبه أن مرض الطفل مُحَيّر وأن العلامات والأعراض التي يعاني منها الطفل لا تشكل وضعاً سريريا لتشخيص محدد، أو إذا إشتبه بأسباب عدم إستجابة الطفل للعلاج، أو إذا أظهرت الفحوصات المخبرية والشعاعية سلامة الطفل على الرغم من أصرار والدته على معاناته من الأعرض المدعى بها، كما وقد يتولد الشك لدى الطبيب إذا بينت النتائج المخبرية أرقاماً غير طبيعية يصعب تصديقها أو قد تكون متعارضة مع الحياة، أومتعارضة من السيرة المرضية والكشف السريري أو باستحالة حدوثها منطقيا.
تتصف المرأة المسيئة للطفل وهي بالعادة والدته، بكونها هادئة ومتعلمة في الأعم الأغلب من الحالات، ولديها إلمام بالأمور الطبية وتكون قد تعرضت لإدخالات متعددة للمستشفيات سابقا، ولديها رغبة كامنة للبقاء في بيئة المستشفى بعيدا عن البيئة المنزلية وتتصف أيضا بترددها الدائم من أن تغادر بالطفل لمنزلها، وترحب بشدة بأي فحوصات يُطلب أن تجرى للطفل، وتظهر إهتماما في ماهية الإجراءت التشخيصة والعلاجية بما يفوق أهتمامها بالمرض المدعى بوجوده لدى الطفل، وتقضي معظم وقتها في المستشفى مع كادر التمريض والأطباء وليس بكونها مرافقة لطفلها.
صعوبة تشخيص هذه المتلازمة تكمن في تردد الأطباء والممرضات بالإقتناع بوجود خداع بالمعلومات الطبية التي تسرد عليهم من قبل راعي الطفل، وبعضهم يعتقد أنه ليس من السهل خداعهم أو الكذب عليهم، والتحدي الأخر في تشخيص هذه الحالة هو التشابه الكبير بين الأعراض والعلامات المصطنعة وبين أعرأض وعلامات المرض الحقيقي، ويتطلب التشخيص النهائي لهذه المتلازمة أثبات قائم على الدليل ولا يكتفى بتولد الشك لدى الطبيب لتصنيف حالة الطفل أنها مصطنعة وبالتالي هي إساءة، مما يشكل عبء إضافيا على الأطباء يتطلب إجراء فحوصات وإجراءات طبية إضافية تفاقم الضرر على الطفل بإجرائها.
يكون تشخيص هذه المتلازمة قائما على التأكد من حقيقية الأعراض التي يُشك بوجودها لدى الطفل، ويكون ذلك بمقارنة الأعراض المدعى بها من قبل راعي الطفل مع الأعراض التي تشاهد من قبل الممرضات بشكل موضوعي، وأجراء الفحوص المخبرية السمية أو الجنائية للتأكد من وجود عقاقير او مواد أعطيت للطفل ولم يفصح عنها، وفي بعض الحالات يتطلب مراقبة حثيثة مباشرة من قبل الكادر الطبي للطفل وللشخص الراعي له.

إن هذه الحالة تشكل خطرا كامنا على الطفل وعند تشخيصها او الإشتباه بوجودها يجب توفير الحماية للطفل بتوفير مكان آمن يعيش به بعيد عن المسيء الذي أصطنع المرض به، وإتخاذ الإجراءات القانونية والعلاجية النفسية للمسيء على أعتبار أن هذه المتلازمة هي شكل من أشكال العنف الجلي ضد الأطفال وإن إتصفت بالغموض أثناء تشخيصها.  

"إفتعال المرض بالطفل" أشد أنوع العنف ضد الأطفال خطرأ وغموضا

الدكتور هاني جهشان مستشار الطب الشرعي
الخبير لدى منظمات الأمم المتحدة في مواجهة العنف ضد الأطفال
    "إفتعال المرض" بالطفل من قبل شخص يرعاه كأمه مثلا، هو أكثر أنواع إساءة معاملة الأطفال غموضا وتتصف بالإثارة أحيانا، وبالإنكار أحيانا أخرى. الوصف السريري لحالة "إفتعال المرض بالطفل" وهو ما يعرف طبيا بـ "متلازمة مانهاوسن بالإمتداد"، يتكون من أصطناع أعراض أو علامات مرضية بالطفل من قبل المسيء تشبه أحد الأمراض التي قد يصاب بها الأطفال، بهدف إيهام الأطباء وخداعهم لإدخال الطفل للمستشفى وإجراء فحوص مخبرية له وفي بعض الأحيان إجراء التداخلات العلاجية وحتى الجراحية لدواعي ليسىت حقيقة وإنما هي مخادعة ووهيمة ومصطنعة.
إصطناع الأعراض والعلامات المرضية بالطفل يؤدي إلى أحد أشكال هذه المتلازمة الثلاثة وهي (1) معاناة الطفل من مرض مُحيّر لفترة طويلة وهذا المرض مستعصي على التشخيص الطبي الواضح وبدون إستجابة للعلاج (2) معاناة الطفل من مرض غريب الأطوار لا يتفق لما هو موثق بالأدبيات الطبية، أو من مرض غير متوقع حدوثه في مثل عمر الطفل أو مبالغة في شدة أعرض وعلامات المرض المشتبه به (3) أعراض لا تشاهد إلا من قبل المسيء ولا يتم مشاهدتها من قبل الأطباء والممرضات في المستشفى وتزول عند إبتعاد المسيء عن الطفل، ويكون التقيم السريري للطفل طبيعيا.
فقد يُدعى بمعاناة الطفل من تشنجات بأطرافه وأنها زالت حال وصولة المستشفى ويتوقع من أي طبيب في الأسعاف أن يأخذ هذا الكلام بجدية مطلقة والتعامل الطبيعي في مثل هذه الاحول هو تصديق راعي الطفل، والشك به هو الإستثناء، وقد تُحدَث التشنجات حقيقة بأعطاء الطفل عقاقير أو مواد سامة محفزة للدماغ أو إضافة الملح إلى طعامه وشرابه، وقد تُفتعل التشنجات أيضا بالضغط على عنق الطفل جزئيا أو كتم نفسه بهدف إحداث التشنجات وبالتالي خداع الأطباء بهدف إدخاله المستشفى، ولا يكون الدافع هنا بالضرورة قتل الطفل.
وقد يُدعى بمعاناة الطفل من وجود دماء في بوله وهذه تُصطنع بإضافة دم من المسيئ إلى عبوة دم الطفل المرسلة للمختبر وقد يكون من دم حيض الأم المسيئة أو إضافة صبغة ملونه لبوله، وقد يُحدث النزف بإعطاء الطفل مميعا للدم من مثل الورفرين أو سماً كالفينولفثلين، أو إحداث نزفا معويا بإعطاء الطفل مواد مهيجة للغشاء المخاطي للمعدة والأمعاء.
 في كثير من حالات "إفتعال الأمراض بالأطفال" تكون على شكل الإدعاء بمعاناة الطفل من فقدان للوعي ودخوله في غيبوبة أو معاناته من توقف التنفس، وقد تُحدث هذه الأعراض بالطفل حقيقة بتسميمه بالعقاقير أو السموم الكابحة للجهاز العصبي المركزي كالعقاقير المهدئة والمنومة والكابحة لمرض الصرع. وقد يكون إصطناع الإسهال والقيء شكل أخر من أشكال "إفتعال الأمراض بالأطفال" بأعطائة العقاقير المسهلة أو المهيجة للمعدة.
قد يُدعى بإرتفاع درجة حرارة الطفل بالخداع بملامسة ميزان الحرارة لمصدر التدفئة بغرفة المستشفى او التلاعب في رسم الحرارة على ملفه بجانب سريره، وقد يُحدث طفح جلدي بتعريضه لمحرشات كيماوية أو أصباغ.
وقد تصطنع هذه المتلازمة في الأطفال الذين يعانون من الإعاقات بمختلف أشكالها، فقد لا تقدم للطفل المعاق الرعاية المناسبة لحالته مما يؤدي تفاقم عجزه أو الإخفاق بتقديم العلاج التأهيلي الضروري لتحسين حالته، وقد يُدعى في حالات أخرى من معاناة الطفل من أعاقة ليست موجودة أصلا أو الإدعاء بحاجة الطفل لأن يكون على وجبات طعام خاصة لمرض معين لا يعاني منه الطفل حقيقة.
على الرغم مما وصف سابقا من أمثلة لأعراض ولعلامات مصطنعة تُحدث بالطفل المساء إليه الإ أن هناك نطاق أوسع من العلامات والأعرض التي قد تُحْدَث بالطفل لا يمكن حصرها وتعتمد مباشرة على ثقافة المسيء ومعرفته وإطلاعه على المعلومات الطبية والعلاجية.
لقد بينت الأدبيات الطبية المتعلقة بهذه المتلازمة أن معدل عمر الطفل لدى تشخيصها هو حولي الثلاثة سنوات فقد يتعرض لها طفل رضيع أو طفل يبلغ من العمر عدة سنوات، وبالمعدل يتم تشخيص هذه المتلازمة بعد حوالي 15 شهرا من تاريخ بداية الإدعاء بالأعراض، وقد تكون عواقب هذه المتلازمة قاتلة على المدى القريب أو البعيد بنسبة 9% من الحالات وتحدث عاهات أو أمراض دائمة بالطفل بنسبة 8% من الحالات من مثل الإخفاق بالنمو أو الشلل الدماغي، واكثر الحالات خطورة هي التي يقل فيها عمر الطفل عن ثلاثة سنوات، أو أن يكون هناك تفككاً أسرياً، وكذلك الحالات التي لا يتم فيها الإستعانة بنظم حماية الطفل المتوفرة وطنيا.
بناءً على أن أساس العلاقة ما بين الطبيب وراعي الطفل هو الثقة المتبادلة وتحقيق المصلحة الفضلى للطفل فبالعادة يصدق الطبيب كل التفاصيل التي تروى له عن السيرة المرضية للطفل ولا يتولد لديه الشك الإ في وقت لاحق إذا أُشتبه أن مرض الطفل مُحَيّر وأن العلامات والأعراض التي يعاني منها الطفل لا تشكل وضعاً سريريا لتشخيص محدد، أو إذا إشتبه بأسباب عدم إستجابة الطفل للعلاج، أو إذا أظهرت الفحوصات المخبرية والشعاعية سلامة الطفل على الرغم من أصرار والدته على معاناته من الأعرض المدعى بها، كما وقد يتولد الشك لدى الطبيب إذا بينت النتائج المخبرية أرقاماً غير طبيعية يصعب تصديقها أو قد تكون متعارضة مع الحياة، أومتعارضة من السيرة المرضية والكشف السريري أو باستحالة حدوثها منطقيا.
تتصف المرأة المسيئة للطفل وهي بالعادة والدته، بكونها هادئة ومتعلمة في الأعم الأغلب من الحالات، ولديها إلمام بالأمور الطبية وتكون قد تعرضت لإدخالات متعددة للمستشفيات سابقا، ولديها رغبة كامنة للبقاء في بيئة المستشفى بعيدا عن البيئة المنزلية وتتصف أيضا بترددها الدائم من أن تغادر بالطفل لمنزلها، وترحب بشدة بأي فحوصات يُطلب أن تجرى للطفل، وتظهر إهتماما في ماهية الإجراءت التشخيصة والعلاجية بما يفوق أهتمامها بالمرض المدعى بوجوده لدى الطفل، وتقضي معظم وقتها في المستشفى مع كادر التمريض والأطباء وليس بكونها مرافقة لطفلها.
صعوبة تشخيص هذه المتلازمة تكمن في تردد الأطباء والممرضات بالإقتناع بوجود خداع بالمعلومات الطبية التي تسرد عليهم من قبل راعي الطفل، وبعضهم يعتقد أنه ليس من السهل خداعهم أو الكذب عليهم، والتحدي الأخر في تشخيص هذه الحالة هو التشابه الكبير بين الأعراض والعلامات المصطنعة وبين أعرأض وعلامات المرض الحقيقي، ويتطلب التشخيص النهائي لهذه المتلازمة أثبات قائم على الدليل ولا يكتفى بتولد الشك لدى الطبيب لتصنيف حالة الطفل أنها مصطنعة وبالتالي هي إساءة، مما يشكل عبء إضافيا على الأطباء يتطلب إجراء فحوصات وإجراءات طبية إضافية تفاقم الضرر على الطفل بإجرائها.
يكون تشخيص هذه المتلازمة قائما على التأكد من حقيقية الأعراض التي يُشك بوجودها لدى الطفل، ويكون ذلك بمقارنة الأعراض المدعى بها من قبل راعي الطفل مع الأعراض التي تشاهد من قبل الممرضات بشكل موضوعي، وأجراء الفحوص المخبرية السمية أو الجنائية للتأكد من وجود عقاقير او مواد أعطيت للطفل ولم يفصح عنها، وفي بعض الحالات يتطلب مراقبة حثيثة مباشرة من قبل الكادر الطبي للطفل وللشخص الراعي له.

إن هذه الحالة تشكل خطرا كامنا على الطفل وعند تشخيصها او الإشتباه بوجودها يجب توفير الحماية للطفل بتوفير مكان آمن يعيش به بعيد عن المسيء الذي أصطنع المرض به، وإتخاذ الإجراءات القانونية والعلاجية النفسية للمسيء على أعتبار أن هذه المتلازمة هي شكل من أشكال العنف الجلي ضد الأطفال وإن إتصفت بالغموض أثناء تشخيصها.  

2012/03/26

فتيات وقعن ضحية إقامة علاقة مع الخاطب قبل الزفاف يفقدن حقوقهن

فتيات وقعن ضحية إقامة علاقة مع الخاطب قبل الزفاف يفقدن حقوقهن
القاضي الشرعي د. العمري يدعو للالتزام بالأعراف وعدم تمكين الفتاة خطيبها منها قبل الزواج

2012/03/26
مجلس الإفتاء: جواز إجراء الكشف إذا طلبته الجهات القضائية فقط
فتاة يعاشرها خطيبها في نفس يوم عقد القران في منزل اهلها
العرب اليوم - سحر القاسم
خلا قانون الاحوال الشخصية من أية بنود تحفظ للفتاة حقوقها في حال أقامت علاقة "فراش" دخول مع خطيبها قبل الزفاف رغم وجود عقد قران مسجل بالمحكمة الشرعية.
فلا مجال الا أن تفقد الفتاة حقوقها الشرعية عندما يتخلى عنها خطيبها أو يتوفاه الله, فحقوقها مرهونة بقدرتها على اثبات واقعة الدخول, والتي في الغالب تعجز عنها لسرية العلاقة, ثم يترك الامر لتحليف خطيبها اليمين والذي قد ينكر أية علاقة مع خطيبته, فتترك الفتاة لتلقى مصيرا مجهولا يتخلله النبذ الاجتماعي رغم أن هذه العلاقة كانت تحت غطاء شرعي, الا أن المجتمع ينظر اليها على أنها "زانية".
ويؤكد كثير من الازواج ان فترة الخطوبة هي المرحلة الذهبية من حياتهم الزوجية فهي علاقة غرامية مشروعة بين الزوجين قبل دخولهم في خضم تربية الاطفال والنفقات المالية المرهقة الا ان هذه المرحلة تعتبر مأساة لبعض الفتيات نتيجة تطورعلاقة الخطوبة إلى لقاءات على الفراش وفي حال حدث فراق بينهما لاي سبب كان تقع الفتاة في مشكلة تدفع ثمنها طيلة فترة حياتها, خاصة اننا نعيش في مجتمع ينظر على ان مثل هذه الامور لا تعيب الرجل في حين تعيب المرأة رغم وجود عقد قران رسمي ومسجل في المحاكم الشرعية.
حالات وتشهد المحاكم الشرعية حالات تكون فيها الضحية المرأة فقانون الاحوال الشخصية يوقع على عاتق المرأة مسؤولية اثبات واقعة الدخول اذا أنكر الزوج بطرق الاثبات المعروفة إما بالشهود وهذا على الاغلب لا يمكن اثباته لأن مثل هذه العلاقات تكون عادة سرية بينهما أو بورقة حجز من فندق اذا ما تم اللقاء في احد الفنادق اما اذا جرت في شقة تعود لأهل اي منهما عند استغلال عدم وجود احد لا يكون دليل سوى طلب الزوج لحلف اليمين وفي غالب الاحيان يحلف على عدم وقوع اي خلوة بينه وبين خطيبته وهنا تقع المشكلة خاصة اذا لم يكن هناك حمل لأن الحمل يسهل الاثبات اما اذا لم يكن هناك حمل فلا يمكن طبيا اثبات ان الدخول وقع من شخص الخاطب وليس من شخص آخر.
"اروى" فتاة في التاسعة عشرة من عمرها تعرضت قبل عام لهذا الموقف نفسه "علما بأن الاسم مستعار بناء على طلبها" اذ خطبت لأحد الشباب وتم عقد قرانها عليه وبعد اشهر استطاع اقناعها انها اصبحت زوجته بالشرع والقانون.
وتقول اروى ل¯ "العرب اليوم" تحت ستار الحب وافقت على طلبه وذهبت معه في احد الايام لمنزل اهله ولم يكن احد في المنزل.
وتضيف "تكرر لقائي به اكثر من مرة وبالطريقة نفسها الى ان شعرت يوما بأعراض حمل فاخبرته بذلك فاخذ يصرخ بوجهي ويقول ان مش مسؤول". وتروي باسى "عندها شعرت بالصدمة وعرفت ان كل ما قاله لي كذب ولم اعرف ماذا افعل وبعد اسابيع قليلة لم اجد حلا الا اخبار والدتي خاصة انه ما ان عرف بموضوع الحمل حتى انقطع عني ولم يعد يزورني أو حتى يتصل بي وهنا بدأت الخلافات بين اهلي وبينه حيث شعر اهلي بالحرج امام الاقارب والجيران ماذا سنقول لهم وبعد تفاهم بين اهلي واهله اتفقنا على ان اذهب لاعيش معه في غرفة داخل منزل اهله مقابل ان اتنازل عن مقدم مهري ودون اجراء مراسم العرس التي تقام لاي عروس ودون ارتداء الفستان الابيض الذي طالما حلمت به وبالفعل رضخت لكل شروطهم وذهبت اليه بحقيبتي مقابل ان يستر امري".
دعوى اثبات واقعة دخول
(ه.ع.د.) فتاة تقدمت مطلع العام الحالي بدعوى لاحدى المحاكم الشرعية تطلب فيها اثبات واقعة دخول بعد ان تنكر "الخطيب" معاشرته لها وتقول ل¯ "العرب اليوم"وهي حائرة منهارة والدموع تذرف من عينيها لا اعرف ماذا اقول بعد ان دمرني طلقني ثم انكر واقعة الدخول تحايلت عليه ان يتزوجني اسبوعا ثم يطلقني ورفض فماذا افعل?... سؤال تطرحه كل فتاة تتعرض لمثل هذه الحالات.
عاشرها خطيبها يوم عقد القران
فتاة أخرى اختلى بها خطيبها في اليوم نفسه الذي جرى فيه عقد قرانها حيث قام بمعاشرتها في مطبخ منزل اهلها وتحت سقف من الزينكو في احد احياء مدينة عمان الشعبية معتقدة انها بذلك اصبحت زوجة شرعية بالشرع والقانون ولن يخلو بها خطيبها الا انها تفاجأت به بعد فترة واذا به ينكر واقعة الدخول بعد علمه بحملها فتقدمت بدعوى بوساطة المحامي شريف الخطيب الذي اكد ل¯ "العرب اليوم" انه اقام دعوى لها في المحكمة لاثبات الخلوة التي وقعت بينهما وقدم شهودا على الواقعة تمثلت في قيامه باغلاق الباب والستائر وعدم وجود مانع شرعي عندها في ذلك اليوم يمنع قيام الواقعة وان الموجودين في المنزل كان فقط ولدا غير مميز ومع ذلك لم تتمكن من اثبات الواقعة.
واضاف المحامي الشريف ان احد الاشخاص حضر الى المحكمة واعترف انه قام بالاعتداء عليها بعد ان أخذها لاحراش ياجوز وان الطفل الذي في رحمها ابنه وانه على استعداد للزواج منها والاعتراف بالطفل الا ان المحكمة لم تأخذ بأقواله كونها على ذمة شخص آخر والذي هو خطيبها الذي ينكر انه اقترب منها أو تعامل معها معاملة الازواج وخسرت الفتاة دعواها لعدم قدرتها على اثبات الواقعة وبعد ستة اشهر وعشرة ايام على عقد قرانها انجبت طفلا ونسب الطفل لدى المحكمة لأمه حيث لم يثبت لديهم هوية والده.
ودعا المحامي الخطيب الفتيات اللواتي يقعن في هذا الخطأ ابلاغ اهلهن في حينه حتى يكون هناك شهود وتكون الضحية قادرة على اثبات الواقعة لا ان تكون عرضة للشك في حال انكاره امام المجتمع.
القاضي الشرعي د. اشرف العمري
وينصح القاضي الشرعي د. اشرف العمري الفتيات بالالتزام باعراف الناس وعدم تمكين الفتاة خطيبها منها قبل الزواج ومحاولة ضبط العاطفة قدر الامكان.
وقال د. العمري ل¯ "العرب اليوم" انه جرت عادة الناس ان لا يتم الدخول على الزوجة الا بعد ان تزف إلى زوجها فينبغي التقيد بذلك واحترامه وان لا يخلو الزوج بزوجته الخلوة الشرعية الصحيحة الكاملة أو يعاشرها حتى تزف اليه في بيته مراعاة للعرف السائد خاصة ان هذا العرف لا يصادم النصوص الشرعية واذا علمنا ان الالتزام بهذا العرف وعدم تجاوزه يحقق عددا من المقاصد الشرعية ومنها عدم وقوع اي نزاع أو خصومات بين اهل الزوجين لان غالب الناس في بلدنا لا ينظرون إلى العقد على انه زواج كامل ما لم يتم به زفاف ولو جرت خلوة بين الزوجين قبل الزفاف, وهذا يؤدي إلى خلافات كبيرة بين الزوج واهل زوجته حيث يعتبرونه متعديا على حرمتهم.
ويضيف د. العمري ان هناك آراء فقهية توجب الاشهاد على الدخول على الزوجة منها عند المالكية التي تطلب الاشهاد تجنبا لوقوع مشاكل بين الناس.
د. هاني جهشان
أما مستشارالطب الشرعي د. هاني جهشان فيقول ل¯ "العرب اليوم" انه لا يمكن معرفة الفاعل الا اذا تم الفحص مباشرة وفي مثل هذا الحالات لا يتم الفحص الا بعد فترة قد تتعدى الاشهر, مؤكدا في الوقت ذاته ان مثل هذا الفحص لا يجرى الا بطلب من جهة قضائية وفي اغلب الحالات التي يتم الطلب فيها تكون في القضايا الجنائية مثل الاغتصاب.
واشار إلى حالات نادرة ما يتم الفحص بناء على طلب المحكمة الشرعية ولو طلب لا يكون له فائدة لأنه عادة ما يكون الفعل وقع قبل فترة تصل لاشهر قبل الطلب ولا يمكن اثبات هوية الفاعل لكن من السهل اثبات وجود اعتداء.
استاذ علم الاجتماع في الجامعة الاردنية د. حسين الخزاعي حمَّل الاهل المسؤولية عن وقوع مثل هذه المشاكل لانهم في الغالب ما يعتبرون الحديث في مثل هذه الامور تدخلا في باب العيب والخطأ حتى يقعوا في الخطأ, مشيرا الى ان مسؤولية التوجيه والرعاية تقع عليهم اذ لا بد من ارشاد ابنائهم دون حرج من الحديث في مثل هذه الامور.
واضاف د.الخزاعي "ان الاهل عادة لا يعلمون بخفايا مثل هذه السلوكيات التي تنجم تحت ستار ما يسمى بالخطبة أو "كتب الكتاب", لكن لو كان هناك جو صريح وودي وحواري بين الاسرة للجأت الفتاة وصارحتهم بما يجري قبل الوقوع في الخطأ, مشيرا الى ان العائلات التي لا يوجد فيها حوارات اسرية تكون عرضة اكثر للوقوع في مثل هذه المشاكل.
واكد القاضي الشرعي العمري ان المحاكم تتعامل مع وقائع لا مع عواطف مشيرا الى ان المرأة قد تدعي ان الخطيب دخل عليها ويكون ليس هو من دخل عليها فمن غير المقبول ان يصدقها القاضي ويتعاطف معها لمجرد انها امرأة فالقضاء لا يتعامل بالعواطف إنما بالوقائع.
وبين انه اذا ادعت المرأة ان خطيبها دخل عليها وجب عليها الاثبات بطرق الاثبات المعروفة إما باقراره هو واعترافه أو بشهادة الشهود أو تحليفه اليمين وفي حال انكر الواقعة ولا يوجد شهود وحلف اليمين تخسر دعواها ولا يمكن في مثل هذه الحالة اثبات دعواها اذ لا بد ان تكون القرائن قاطعة.
وبين العمري ان الامر يكون ايسر اذا كانت المرأة حاملا ذلك ان قانون الاحوال الشخصية رقم 36 لسنة 2010 نظم بابا محددا للنسب وجعل القانون المدة المحددة لثبوت النسب مرتبطة بالعقد لا بالزفاف مع وجود شروط وضوابط للمسألة لخطورتها واهميتها.
واكد ان المولود يثبت نسبه لصاحب الفراش (الزوج) ان مضى على عقد الزواج الصحيح اقل مدة حمل وهي ستة اشهر ولا يجوز نفي النسب الثابت بالفراش الا بالملاعنة وفق القانون.
واضاف ان القانون احتاط للزوج وللصغير حيث نص على انه في حال ثبوت عدم التلاقي بين الزوجين من حيث العقد فإنه لا تسمع عند انكار الزوج دعوى النسب ما لم يثبت بالوسائل العلمية القطعية ان الولد لهذا الزوج فحينئذ تسمع الدعوى ويثبت النسب.
وبين انه في حال حصول الفراق بين الزوجين بالطلاق أو فسخ أو وفاة فإن نسب المولود يثبت لابيه اذا جاءت به الزوجة خلال سنة من تاريخ الطلاق أو الفسخ أو الوفاة كما ان دعوى اثبات النسب لا تسمع عند الانكار اذا تمت الولادة لاكثر من سنة من تاريخ الوفاة أو الطلاق.
واكد د. جهشان إن إجراء الكشف الطبي على غشاء البكارة; أو ما يعرف عرفا بفحص العذرية, بهدف بيان أن المرأة بكر أو ثيب أو بيان أنها قامت بممارسة الجنس سابقا لا يعتبر من المبررات المهنية الأخلاقية لممارسة مهنة الطب فقد ورد في المادة 2 من الدستور الطبي الأردني "كل عمل طبي يجب أن يستهدف مصلحة المريض المطلقة وان تكون له ضرورة تبرره وان يتم برضائه أو إرضاء ولي أمره إن كان قاصرا أو فاقدا لوعيه".
كما أجازت المادة 62 من قانون العقوبات العمليات والعلاجات الطبية المنطبقة على الأصول الطبية الفنية, فالكشف على غشاء البكارة للتأكد من سلامته أو لتقييم سلوك المرأة ليس مُبَرراً من الناحية الطبية أو الشرعية ولا يندرج ضمن الأصول الطبية الفنية التي تستهدف الحفاظ على صحة وحياة الإنسان. كما ان حصول الخلوة الصحيحة ما بين الزوجين هو أمر تختص بإثباته أو نفيه المحاكم الشرعية بإجراءات قانونية وشرعية ليست مرتبطة بأي إجراء طبي.
واضاف ان فحص العذرية يتصف بكونه إجراء اجتياحياً يخترق خصوصية جسد المرأة بطريقة مهينة ومذلة, يتم بأغلب الأحيان بموافقة منقوصة تتصف بالإذعان والتشكيك بشرف المرأة في حال رفضها الكشف, وهو ممارسة غير عادلة تشكل انتهاكا لحق المرأة بالمساواة ولحقها بعدم التمييز ضدها كونها امرأة, وهو انتقاص من حقها بالكرامة الإنسانية, وهو يشكل نمطا قسريا من انماط التعذيب, والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة.
فتوى
وورد بالفتوى رقم 131 لسنة 2009 الصادرة عن مجلس الأفتاء بالمملكة بخصوص فحص العذرية أن طلبه حرام وفعله حرام, ذلك ان عورات الرجال والنساء لا يجوز كشفها إلا للضرورة أو الحاجة.
ويؤكد المجلس أن مجتمعنا أشرف وأنظف وأغير وأنبل من أن تُعامل فيه البنات والأخوات هذه المعاملة المهينة, وهن أعز وأكرم وأشد شكيمة من أن يقبلن هذا الإذلال, وورد في هذا القرار نفسه أن مجلس الإفتاء يرى جواز إجراء الكشف إذا طلبته الجهات القضائية ولا يعتبر ذلك قذفاً للمحصنات.
من جهته دعا د. الخزاعي إلى عدم تطويل فترة الخطوبة مشيرا الى ان مثل هذه المشاكل تزداد بازدياد فترة الخطوبة اذا كانت الاجواء مهيأة, فضلا عن ثقة الفتيات العمياء بالخطيب بعد الخطبة فيجب عليهن ان لا يثقن بهم ثقة عمياء خاصة انهن يخضعن في العادة إلى الحيلة والغدر والمراوغة تحت ستار الحب وان هذه حياة طبيعية.
ولفت الخزاعي ان صغيرات السن اكثر عرضة لهذه السلوكيات كونهن ما زلن في مرحلة المراهقة وعدم النضوج والخبرة في الحياة.
وحول الحقوق المادية للمرأة قال الشيخ العمري ان الخلوة الشرعية الصحيحة بين الزوجين قبل الدخول تترتب عليها بعض احكام الدخول مثل وجوب كامل المهر للزوجة المعجل والمؤجل حيث ان المهر يجب نصفه فقط اذا تم الطلاق قبل الدخول أو الخلوة.
ودعا د.الخزاعي الأهالي الى عدم السماح بخروج الخاطبين مع بعضهما بعضاً حتى وان اغضبهما ذلك لأن الغضب لمصلحتهم خاصة ان الظروف حاليا مهيأة اكثر لايقاع مثل هذه المشاكل مؤكدا ان الهدف الاساسي من الزواج ان يلحق السعادة لا الاذى والمعاناة وان يكتمل الزواج بشكل صحيح.
وبين الشيخ العمري ان مثل هذه الامور يجب ان يتعامل الناس معها بحذر حتى لا يقعوا في الحرام فالخلوة الصحيحة توجب على الزوجة العدة اذا حصل الطلاق ولا يجوز لها الزواج من آخر بعد الطلاق وقبل انتهاء العدة ولو لم يتم دخول وهذا مما يوجب التنبيه اليه.