2017/07/25

2017/02/13

دِرَاسَةٌ ضِدَّ عُقُوبَةِ الْإِعْدَامِ

إن طبيعة عقوبة الإعدام هي طبيعة قاسية، مؤلمة، مزعجة، عشوائية، واعتباطية، لا إنسانية يجب معارضتها في المجال الأخلاقي والمجال العملي والمجال المهني وتتصف بما يلي:
1) عقوبة الاعدام متناقضة مع القيم الأساسية للنظام السياسي الديموقراطي، فعلى الدولة التي تطبق عقوبة الإعدام أن لا تختال وتتباهى بحق قتل الأشخاص، وخاصة عندما تقتل عمدا وبمراسم، وتحت لون من القانونية الزائفة، وباسم الشعب وبنمط اعتباطي وعشوائي ويتصف بالتميز. إن فرض عقوبة الإعدام هو إنكار لا يِـُحتمل ولا يطاق للحريات المدنية، وعليه علينا أن نستمر بالمطالبة لمنع تنفيذ ولإلغاء عقوبة الإعدام، بواسطة المقاضاة، بالتشريعات، بالمعاوضة، وبزيادة الصيحة العالية ضد هذا العقوبة الوحشية. 
(2) عقوبة الإعدام تتصف بالقسوة وبالوحشية وبالبطش، فهي رفات علم الجريمة عندما كانت العبودية، التميز العرقي، وأنواع العقاب البدني الأخرى مألوفة وعادية. إن عقوبة الإعدام كباقي الممارسات الهمجية، ليس لها مكان في المجتمع الحضاري، حيث أن معارضة عقوبة الإعدام لا تنشأ من التعاطف مع المجرم القاتل المدان ومع جريمة القتل، على العكس تماما، فأن القتل مقيت يدعو للإشمئزاز، ويمثل عدم احترام حياة الإنسان، فكيف يعتبر أخلاقيا إذا قامت به سلطات الدولة.   
(3) عقوبة الإعدام هو إنكار لمسار القانون وللعدالة، لأن تطبيقه هو تطبيق عشوائي، اعتباطي،  نهائي، ويتعذر تغيره. يَحرم الإعدام الفرد حرمانا مؤبدا من تقديم أدلة قد تعكس التهمة أو تخفف ماهية تكييف الجرم ليصبح جرما عقابه ليس الإعدام، فهو يطبق بطريقة عشوائية في أفضل تطبيق له، وبطريقة تمييزية في أسوأها.
(4) إن الاعتماد على عقوبة الإعدام بمكافحة الجريمة يحجب الأسباب الحقيقية لها، ويُحَوّل الانتباه عن الإصلاح الإجتماعي الفعال في السيطرة على الجريمة إلى التركيز على أهمية الانتقام وأهمية تنفيذ العقاب بحد ذاته، لأن واضعي السياسات المؤيدين لعقوبة الإعدام على أنها سلاح فعال للسيطرة على الجريمة يخدعون عامة الناس، وهم بتأييدهم هذا يحاولون عبثا ستر إخفاقاتهم  في دعم مشاريع مكافحة الجريمة الفاعلة.
(5) عقوبة الإعدام وسيلة غير منتجة في مكافحة العنف في المجتمع، فهي تهدر الموارد، تبدد وقت وطاقة المحاكم والمحامين والمدعين العامين، وتربك النظام القضائي، ولهذا فهي تمثل المثل بعدم الفعالية المأساوية المفجعة والوحشية في اللجوء للعنف بدل المنطق لحل المشاكل الاجتماعية الشائكة.  إن المجتمع الذي يحترم الإنسان لا يتعمد قتل البشر، لأن الإعدام هو جريمة قتل عنفي مثير، على مشهد علني من العامة، هو جريمة ثأر يقوم بها المسئولين نيابة عن أقارب المجني عليه، وبذلك يشير الإعدام لإباحية وجواز القتل لحل النزاعات الاجتماعية، ليكون أسوء مثال يحتدا به. لا يمكن تبرير الغضب الانفعالي بإنفاذ الموت بالمجرم   بوجود فوائد للإعدام تعود بالخير على المجتمع، لكن الموت بالإعدام هو حقيقة مدمرة بعمق لأخلاقيات المجتمع، لأن فوائد الإعدام هي وهم.

استنتاجان يدعمان قضيتنا ضد الإعدام:
(1) عقوبة الإعدام لا تردع الجريمة، و
(2) الجزاء بالموت هو همجي، وغير حضاري ، من الناحية المنطقية الفكرية وهو جائر وظالم وغير منصف من الناحية العملية.

هل عقوبة الإعدام رادعة؟
البرهان الذي يستخدم لدعم عقوبة الإعدام، هو أن التهديد بوجودها يردع الجرائم الكبيرة بفعالية أكبر من السجن المؤبد. قد يبدو هذا الادعاء مقبول ظاهريا، لكن الحقائق العلمية لا تؤيد ذلك. لان عقوبة الإعدام تفشل كعقوبة رادعة لعدة أسباب:
أولا: من الناحية المنطقية العقلانية: إن أية عقوبة على ارتكاب جريمة معينة لا يمكن قياس قدرتها على الردع إلا إذا استخدمت بشكل ثابت وحازم على كافة مرتكبي هذه الجريمة. على أرض الواقع من غير المستطاع بأي شكل من الأشكال تطبيق هذا الشرط على عقوبة الإعدام. فمثلا نسبة ضئيلة من جرائم القتل العمد يحكم على مرتكبيها بالإعدام، ونسبة أقل ينفذ بها هذا الحكم. الأشخاص الذين لا يستطيعون تجاوز عقوبة الإعدام ضدهم، هم عادة الفقراء الذين لا يملكون كلفة محام جيد، أو الأجانب الذين لا يوجد من يساعدهم، أو الذين لم يتمكنوا من إجراء الصلح العشائري لأي سبب من الأسباب.
ثانيا: من الناحية النفسية:
1.       إذا خطط المجرم لجريمته (التي يعاقب عليها بالإعدام) فهو أخذ باعتباره المجازفة وخطط لأن لا يكشف أو يعتقل أو يدان،  فالتهديد بالعقاب الشديد، كالإعدام، لن يردع هؤلاء الذين يتوقون الهرب من أن يكتشفوا أو أن يعتقلوا، أو هؤلاء اللذين يعتقدون أنهم أذكى من يتم التعرف عليهم.
2.      إذا كانت الجريمة التي يعاقب عليها بالإعدام غير مخطط لها من قبل الجاني فأنه من الصعب التخيل كيف التهديد بعقوبة شديدة، كالإعدام، سيردع ارتكاب جريمة لم يخطط لها. نسبة لا بأس بها من الجرائم التي ترتكب والتي يعاقب عليها بالإعدام، ترتكب في لحظات انفعال وكرب شديدة عندما يكون التفكير المنطقي غائبا، حيث أن إحداث العنف باندفاع أو باستعراض يكون من قبل أشخاص لا يستخدموا العقل أو المنطق بالتفكير ولا يهتموا بالعواقب عليهم أو على الآخرين.
3.      يرتكب الإرهاب باسم إيديولوجية معينة تُشَرّفْ مرتكبي هذه الجرائم، ففي هذه الحالات التهديد بعقوبة الموت للإرهابيين غير ذي جدوى. فالتهديد بهذه العقوبة لا تلمس الأسباب السياسية الأساسية، ويتجاهل الأساليب الدبلوماسية اللبقة لمكافحة مثل هذه الظواهر.
4.      إن فكرة محاولة خفض جرائم القتل أثناء تهريب المخدرات أو محاولة مكافحة المخدرات بواسطة التهديد بعقوبة الإعدام، تتجاهل حقيقة أن أي شخص يتعامل بالمخدرات، يكون مسبقا قد رهن حياته بمزاحمة عنفية مع تجار مخدرات آخرين، ومن غير المنطق أن يفكر بأن عقوبة الإعدام سوف تردعه، والتي بطبيعة الحال الخطورة منها ضئيلة جدا مقارنة مع ما يتعرض له من مخاطر.
 ثالثا: من الناحية الإحصائية: إذا كانت العقوبة الشديدة تردع الجريمة، فأن السجن لفترة طويلة هو عقوبة شديدة لدرجة تجعل أي شخص يستخدم المنطق بتفكيره أن لا يرتكب أية جريمة، وهناك رجحان في الدليل على أن شدة عقوبة السجن المؤبد تردع أكثر من شدة عقوبة الإعدام:
نسبة الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام، ليست أقل في الدول التي تطبق العقوبة مقارنة مع الدول التي لا تطبق العقوبة( في أمريكا نسبة القتل في الولايات التي تطبق العقوبة 7.5 لكل 100000 مقارنة مع 7.4 لكل 100000 في الولايات التي لا تطبق عقوبة الإعدام.
تطبيق عقوبة الإعدام في دولة معينة يزيد نسبة الجرائم في السنوات اللاحقة للتطبيق.
لا يوجد أي دليل إحصائي أن عقوبة الإعدام تخفض نسبة الاعتداء أو القتل على أفراد وضباط الشرطة بالسجون.
عدم تكرار المجرم لجريمته عقب إعدامه هو صفة عجز وليس صفة ردع لهذه العقوبة، وخاصة أن نسبة التكرار قليلة جدا (في سنة 1973 صدر قرار محكمة العدل العليا الأمريكية بأن الإعدام غير دستوري، أوقف هذا القرار إعدام 533 مجرم. بمتابعة هؤلاء تبين أن 4 منهم قاموا بتكرار الجريمة مقارنة مع 6 أشخاص منهم تبين أنهم ليسوا مجرمين).
الطريقة الوحيدة لمنع المجرم من تكرار جريمته هو إعدام كل مجرم يرتكب جريمة قتل عمد، وهذا مستحيل بالطبع، أما الإعدام العشوائي فهو غير فعال والبديل الوحيد هو السجن المؤبد بدون احتمالية إطلاق السراح.
إن الإبقاء على عقوبة الإعدام رغم إخفاقها المثبت علميا وإحصائيا بردع الجريمة، غير مقبول إطلاقا.

هل عقوبة الإعدام عادلة؟
المراقبة العلمية النزيهة غير المتحيزة، تشير إلى أن هناك جور وظلم ظاهر وواضح في تطبيق عقوبة الإعدام، ومن المستحيل تطبيق هذه العقوبة بدون تميز.
 أولا: التمييز العرقي والتميز على أساس المستوى الاجتماعي، يؤثر على الحكم بالإعدام في كثير من الدول، مثلا الزنوج يعدموا أكثر في أمريكا.، وفي مجتمعنا من الواضح أن الذين يحصلوا على صلح عشائري لا يعاقبوا بالإعدام، والذين لديهم القدرة على دفع أتعاب محامين جيدين لا يعاقبوا بالإعدام. الفقراء، العمال الوافدين، المنعزلين اجتماعيا، الأقليات،  هم عرضة أكثر لأن يحكموا بالإعدام. وهذه هي عدم العدالة.
 ثانيا: حتمية حصول الخطأ‍‍‍: عقوبة الإعدام نهائية وغير منعكسة، على عكس باقي العقوبات، وقد أثب التاريخ وجود نسبة مئوية محددة لإعدام أشخاص ثبت أنهم لم يرتكبوا الجريمة التي أعدموا من أجلها، فقد أثبتت الدراسات أن 3% من الذين يعدموا هم أبرياء وأعدموا بسبب حصول خطأ ما.
سجل هذا الخطأ في كافة الدول، وفي مختلف المحاكم. وفي كل طرق المحاكمات، وهذه النسبة موجودة بغض النظر عن تطور القضاء.
للأسباب التالية قد تخفق العدالة ويحدث الخطأ في الحكم بالإعدام:
1.      الفرط في حماس الادعاء العام.
2.      شهادات خاطئة أو كاذبة.
3.      عيوب في التحقيق الشرطي.
4.      الاعتراف بالإكراه.
5.      وجود أسبقيات للمجرم.
6.      دفاع غير كفء.
7.      دليل ظرفي زائف.
8.      ضغط من المجتمع لإصدار حكم.
 ثالثا: امتداد العقاب لأقارب المحكوم: عقوبة الإعدام ليست عادلة لأنها تتعدى عقاب المجرم لعقاب أهله وأقاربه والذين يحبونه عادة على الرغم من كونه مجرم، وبهذه العقوبة يتعرضوا لنوع مال العذاب.

وحشية وهمجية الإعدام:
من الناحية النظرية البحتة وحتى تكون طريقة الإعدام مثالية يجب أن تكون (1) سريعة إنفاذ الموت بالمجرم. (2) سائغة المشاهدة للحضور ومنفذي الإعدام. (3) إنسانية وخالية من تعذيب المحكوم. من الناحية العملية تطبيق ذلك مستحيل، وتحاول السلطات عبثا القيام بأنشطة تظهر الإعدام بمظهر أنساني، من مثل  عدم تنفيذ الإعدام في أماكن عامة، وأن يأجل تنفيذه على المرأة الحامل وأن لا يتم على حدث، وعدم التركيز على تنفيذه إعلاميا. الأعم الأغلب من الأشخاص الذين يشاهدوا الإعدام يرتعبوا ويشعروا باشمئزاز ما عدا الذين يعانون من السادية  وحب تعذيب النفس فهم الذين يتمتعون بكذا مشهد.
 فيما يلي نستعرض طرق الإعدام الشائعة لبيان أن أي منها لا تنطق عليه مواصفات الإعدام المثالي المذكورة سابقا:
 الشنق:
هو طريقة الإعدام التقليدية في العديد من الدول وهو ثاني طريقة شيوعا بعد إطلاق الأعيرة النارية المستخدمة بالصين حيث يعدم أكثر من مجموع ما يعدم في كافة الدول الأخرى. الشنق كان الطريقة الوحيدة المستخدمة للإعدام في أمريكا لغاية 1890، وما زال يستخدم في ولاية واشنطن وولاية دالوار.
لتنفيذ الإعدام بهذه الطريقة يوزن المحكوم لحساب طول الحبل الذي سيستخدم في السقوط الحر وبالتالي محاولة الحصول على موت سريع. إذا كان الحبل طويل نوعا فمن المحتمل أن يفصل رأس المحكوم عن جسمه، وإذا كان قصيرا فيموت موتا بطيئا قد يصل لغاية 45 دقيقة.  الحبل يكون بقطر 3/4 إلى 1و 1/4 أنش ويجب أن يكون قد غلي بماء ساخن وتعرض لشد لتلافي المرونة والليونة والالتواء، وتلين العقدة بشمع أو صابون لضمان انزلاق الحبل بسهولة من خلال العقدة.
قبل التنفيذ تقيد الأِطراف العلوية والسفلية بواسطة حبال أو قيود معدنية، وتكون اليدين خلف الظهر، ويوضع غطاء رأس. تثبت العقدة مقابل الفك الأيسر. بواسطة رافعة خاصة يفتح باب الشرك تحت قدمي المحكوم، فيسقط من خلاله. سقوط المحكوم يحدث كسر في الفقرة العنقية الثانية وخلعا في تلك المنطقة وبالتالي قطع في الحبل ألشوكي، وشلل في مراكز التنفس وفي حركة عضلات الصدر التنفسية والحجاب الحاجز، إلا أن الموت اللحظي نادرا ما يحدث. 
إذا كانت عضلات عنق المحكوم قوية نوعا، أو كان خفيف الوزن، أو كان السقوط قصيرا، أو أن العقدة قد وضعت في مكان خطاء، فأن الكسر الخلعي في الفقرة العنقية الثانية لا يحدث وتنتج الوفاة عن الاختناق التنفسي البطيء، حيث يكون الوجه محتقن، واللسان بارز، والعينان جاحظة، ويخرج البراز، وتحدث نوبات إختلاجية.
 الكرسي الكهربائي:
ورثت أمريكا الإعدام بالشنق عن انجلترا، وحاولت أن تكون أكثر إنسانية فبحثت عن طرق أخرى للإعدام ومنها الكرسي الكهربائي،  أول كرسي كهربائي أستخدم للإعدام كان في مدينة نيويورك سنة 1888 بتيار مباشر من أديسون وبتيار متردد من شركة وستيجن هاوس. الكرسي الكهربائي هو ثاني طريقة إستخدام شيوعا في أمريكا بعد الحقن المميتة، وهو أسوء إشكال الإعدام همجية وقسوة لأن مشاهدة إنسان يحرق بالكهرباء هو أمر مرعب للمحكوم وللمشاهدين.
يوضع المحكوم على الكرسي الكهربائي ويربط بأحزمة على الصدر، الفخذين، الساقين والعضدين، ومن ثم توضع أقطاب نحاسية على الساقين والتي يجب أن يحلق الشعر عنها ويوضع قطب أخر داخل خوذة رأس بعد حلق شعر فروة الرأس، وتلامس هذه الأقطاب الجلد بعد وضع مادة لزجة موصلة للكهرباء وتوضع إسفنجة بها محلول الملح ما بين الخوذة والرأس. يوضع للمحكوم قناع جلدي على الوجه وحفاضة على منطقة الحوض، لحجب إفرازات الجسم من دم وبول وبراز.
عندما يضغط الجلاد على المقبض لفترة 30-60 ثانية بفولت مقداره 1700 إلى 2400 وحدة، ويكون التيار أقل من 6 أمبير لتفادي الإحتراق المباشر للجلد. عقب ذلك يلاحظ خروج الدخان في قدمي ورأس المحكوم، وتعاد الصدمة الكهربائية عادة 3 إلى 4 مرات.
الموت يحدث سريعا بسبب الصدمة الأولى التي  تدمر الدماغ بالكامل مما يحدث شلل تام وإنقباض في العضلات ومن ثم توقف القلب والتنفس، يلاحظ حدوث كسور وخلع في مفاصل المحكوم خلال التنفيذ.
بعد الموت ترتفع حرارة الجسم إلى أكثر من 50 درجة مئوية، ويخرج صوت قوي من الصدر، ورغوة دامية من الفم، وعرق مدمم، وخروج البول والبراز، وتخرج العيون من مقلة العينين على الخدين، ويتقيء دم، وقد تشتعل النار في الجثة.
الخطاء يحدث بسبب خلل في الأدوات والأقطاب والمواد الموصلة وهذا ليس نادرا.
 الحقنة المميتة:
استخدمت في أمريكا عام 1888 بواسطة حقن المورفين بطريقة بدائية، إلا أنه في سنة 1977 أصبحت أوكلاهوما أول ولاية أمريكية تستخدم الحقن المميت كطريقة إعدام قانونية، وتستخدم ألان في 37 ولاية من الـ 38 التي تطبق عقوبة الإعدام. الحجرة الخاصة بالحقن المميت محاطة بخمسة غرف مراقبة ولها زجاج يرى من خلاله باتجاه واحد، وهي مجهزة مثل غرف المستشفى، وتوصل أنابيب المصل من السرير إلى غرف التنفيذ.
يقيد المحكوم على السرير، ومن ثم تثبت أجهزة الرصد الطبية على جسمه، ويزرق بإبرتين في الأوردة عادة في منطقة الساعدين، وتوصل الإبر بواسطة أنابيب طويلة نوعا للمحاليل الطبية عادية، ومن ثم بأمر الجلاد ترفع الستارة أمام المشاهدين ويحقن(1)  بمادة مخدرة وهي الثيوبنتال والتي تجعله يدخل في مرحلة نوم عميق، ومن ثم (2)يحقن بمادة البافلون أو بانكرونيوم بروميد لترخي شللا كامل عضلات الجسم بما فيها عضلات التنفس، ومن ثم(3) يحقن بمحلول ملح البوتاسيوم لإيقاف القلب عن العمل. وتحصل الوفاة بسبب الجرعة الزائدة من المواد المخدرة ومن توقف القلب والرئتين عن العمل.
تستخدم أجهزة خاصة بالحقن على التوالي بالترتيب أعلاه و تستخدم ستة محاقن ثلاثة منها تحتوي على محلول بدون أي عقاقير فاعلة.
يحصل الخطأ بسبب أن هذا الأمر الطبي ينفذ من قبل أشخاص ليس لهم علاقة بالمهن الصحية، فقد يحصل الزرق في العضلات بدل الوريد، وقد تغلق  الإبرة بتخثر الدم، وقد لا يكون هناك أوردة ظاهرة بسبب الإدمان على المخدرات، أو بسبب السمنة الشديدة، مما يؤدي على معاناة نفسية وجسدية للمحكوم.
 قطع الرأس:
يقطع الرأس بالسيف أو بفأس وبالتاريخ المسيحي قطع رأس يوحنا المعمدان (النبي يحيى) بالسيف. أستخدم الإعدام بقع الرأس في أوربا وأسيا في القرون الماضية وحاليا يستخدم في السعودية وقطر واليمن. في تاريخ الدولة الرومانية كانت تعتبر طريقة إعدام جيدة وتستخدم للمواطنين الرومان، أما غير الرومان فكانوا يعدموا بالصلب.
المحكوم يوضع في وضعية الركوع، الجلوس، أو الوقوف، ويستخدم سيف طوله 120سم وعرضه بمعدل 6سم وله مقبض طويل نوعا يسمح للجلاد أن يمسكه بكلتا يديه، ويستخدم في السعودية سيف منحي حافته حادة من جهة واحدة، ولا يستخدم إي إسناد للرأس عند التنفيذ. عادة ما يقع الرأس بعد 2 إلى 3 ضربات.
الموت يحدث مباشرة حيث تحصل غيبوبة في ثواني معدودة ويتوقف القلب خلال دقائق. ويلاحظ حدوث حركة مخيفة في جفون العينين لفترة حولي عشرة ثوان، ويكون المشهد دمويا مرعب لأي شخص أو موظف يشاهده.
 حجرة الغاز المميت:
استخدم في أمريكا من سنة 1930 إلى 1980 حيث أعدم 1952 شخص بهذه الطريقة ويطبق حاليا في أربع ولايات أمريكية، وهي طريقة بربرية ووحشية وغالية التكاليف وخطرة على حياة المشاهدين والمنفذين، ويطلب من السجين أن يساعد نفسه نحو الموت بأن يأخذ شهيق عميق وأن يحاول إرخاء عضلات جسمه تجنبا لانقباض القصبات الهوائية. تحدث الوفاة خلال 7 إلى 12 دقيقة.
حجرة الغاز المميت تتكون من ثمانية جدران 6 أقدام لكل جدار وبإرتفاع 8 أقدام ومدخنة بإرتفاع 30 قدم، ويكون الباب محكم بمطاط ويغلق بواسطة عجلة معدنية كبيرة، وللحجرة خمسة نوافذ للمشاهدين وبالحجرة كرسي معدني مقعده مثقب له أربطة لتثبيت المحكوم في منطقة الأطراف والجذع، وتثبت سماعة طبية مقابل قلب المحكوم وتمتد إلى إحدى غرف المشاهدين. يوجد تحت الكرسي وعاء يحتوي على حامض سلفيرك  وإلى الأعلى منه يعلق ملح صوديوم السيانيد. بعد إحكام إغلاق الباب تحرك رافعة تعمل على إنزال الملح بالحامض فتولد غاز هيدروجين السيانيد. عادة ما يتجنب المحكوم أخذ أي شهيق فيحدث إختناق موضعي.
عند مراقبة المحكوم يشاهد أنه بحالة رعب شديد وصفير من إنقباض القصابات الهوائية، ويحدث نوبات إختلاجية، وألم شديد في كل عضلات الجسم. يفقد الوعي خلال 3 إلى 4 دقائق وتحدث الوفاة خلال 12 دقيقة.
يدخل شخصان بعد نصف ساعة من التنفيذ لابسان أقنعة واقية للغاز، وتشغل مروحة لتنظف هواء الحجرة وترش بالأمونيا لمعادلة التلوث الكيماوي الذي حصل.
 إطلاق النار:
هذه الطريقة مستخدمة منذ اختراع المقذوفات النارية في القرن السابع عشر، والتقليد السائد أن الإعدام بفرقة إطلاق النار مقصورة على العسكريين وفي الدول الشيوعية، وهو لا يزال مستخدما في ولايتين في أمريكا.
في الصين يتم الإعدام بمقذوف واحد بعد أن يقيد المحكوم بربط أطرافه العلوية خلف ظهره، ويركع أرضا، ويطلق النار عليه من الخلف في منطقة رأسه بمقذوف واحد من قبل شرطي، يصيب الحبل ألشوكي، وقد يستخدم أطلاق النار على منطقة القلب بواسطة سلاح أوتوماتيكي. ويتم الإعدام في منطقة نائية بعيدة عن السجن، وهو غير أنساني خاصة وان صوت المقذوف الناري أمر مثير لرعب المحكوم، وعلى أهل المحكوم أن يدفعوا ثمن المقذوف الناري ليتمكنوا من استلام الجثة.
فرقة إطلاق النار تتكون من 3 إلى 6 اشخاص (بعضهم يستخدم أعيرة نارية فارغة من رأس مقذوف)  يقفوا أو يركعوا مقابل المحكوم المربوط بقائم أو المقيد بكرسي، ويطلق النار عليه على منطقة صدره لسهولة إصابته مقارنة مع الرأس. يغطى الرأس بغطاء خاص أسود اللون، ويحدد الطبيب مكان القلب بوضع دائرة مقابله على ملابس المحكوم البيضاء. يتم الإطلاق من بعد 20 قدم، ويطلق كل واحد منهم 6 مقذوفات
يموت المحكوم بسبب النزف الشديد نتيجة تمزق القلب والأوعية الدموية الرئيسية والرئتين. تحدث الغيبوبة بعد عدة دقائق بسبب النزف الشديد. 
هذه الطريقة مرعبة لأنه لا يحدث موتا سريعا ودموية بسبب النزف الخارجي الشديد.
الثواب والعقاب:
إن أية عقوبة جزائية هي عقاب بطبيعتها إن كانت إعدام أو سجن مؤبد، فمن الممكن إيقاع العقاب من دون استخدام الإعدام. إذا قبلنا بان الإعدام هو عقاب للقتل العمد (العين بالعين والسن بالسن) فكيف تكون كذلك للاغتصاب أو للخطف أو إلخ،،،  إذا أردنا أن نطبق الإعدام على طريقة (العقاب العين بالعين والسن بالسن والعقاب مساوي للجريمة) يجب أن يكون فقط على المجرم الذي يخبر ضحيته بوقت الموت وطريقة الموت ومكان الموت تماما مثل ما يتم عند تنفيذ الإعدام به.
قد نجادل أن القاتل هو الذي يقرر موته لأنه أختار ذلك، فهل علينا أن نغتصب المغتصب ونخطف الخاطف ونقتل القتلة المكررين عدة مرات.
مما لا شك فيه أنه يجب عقاب المجرم، ويجب عقابه بشدة توازي الإثم الذي ارتكبه والأذى الذي ألحق بالضحية لكن شدة العقاب له حدود منطقية تفرضه العدالة والإنسانية، والحكومات التي تدرك وجود هذه الحدود لا تستخدم القتل العمد العنفي كأداة سياسة إجتماعية.
اَلْجَرَائِمُ الَّتِي يُعَاقِبُ عَلَيْهَا بِالْإِعْدَامِ فِي التَّشْرِيعَاتِ الْأُرْدُنِّيَّةِ
اَلْجَرَائِمُ الَّتِي يُعَاقِبُ عَلَيْهَا بِالْإِعْدَامِ فِي التَّشْرِيعَاتِ الْأُرْدُنِّيَّةِ
هناك اعتقاد بأن بعض أقارب الضحية المقتول لن يرتاحوا إلا بعد قتل القاتل، ولكن هذا الشعور ليس عام وشامل لأن أغلبهم يعتقد أن العدالة لا تتحقق باستمرار القتل.

الكلفة المالية:
أياهما كلفته أكبر الإعدام أم السجن المؤبد؟ الدراسات تشير إلى أن الكلفة المالية للإعدام أكبر على الدولة، حيث أن فترة المحاكمة في قضايا الإعدام أطول، وتستنزف موارد مالية أكبر.

الرأي العام:
نتائج استطلاعات الرأي العام المبسطة، عادة تؤيد الإعدام بنسب قد تصل من60 إلى 90%، إلا أن الدراسات أظهرت أن ذلك يتم بطريقة عاطفية، وعند إعادة تشكيل الاستطلاع بطريقة منطقية تنخفض نسبة المؤيدون للإعدام إلى أقل من 45%.
 النزعة العالمية نحو الإلغاء:
دَوْرُ الطَّبِيبِ فِي إِنْفَاذِ عُقُوبَةِ الْإِعْدَامِ
دَوْرُ الطَّبِيبِ فِي إِنْفَاذِ عُقُوبَةِ الْإِعْدَامِ
النزعة العالمية هي نحو الإلغاء التام لعقوبة الإعدام. كثير من الدول أوقفت عقوبة الإعدام في بريطانيا سنة 1971 وفرنسا 1981 وكندا 1976 . اقترحت الأمم المتحدة انه على دول العالم أن تنقص تدريجيا الجرائم التي قد يعاقب عليها بالإعدام بهدف إزالة وإلغاء وإبطال هذه العقوبة. الدول التي تهمل مثل هذه الاقتراحات هي الدول المعروف عنها أنها لا تحترم حقوق الإنسان.

الخلاصةتبين الدراسة أنه لا يوجد ما يشير أن تنفيذ عقوبة الإعدام يردع الجريمة، بل أن إخفاقها بذلك مثبت علميا وإحصائيا. هي عقوبة غير عادلة تنتهك أبسط حق للإنسان بالحياة، وتطبق بطريقة تميز عنصرية و بعشوائية. وتبين الدراسة أنه لا يوجد ما يسمى الإعدام المثالي بل أن كل طرق الإعدام قاسية همجية وبربرية تترافق مع تعذيب المحكوم وأهله والمشاهدين. إن مكافحة الجريمة هو عمل وقائي متكامل ولا يتم بواسطة العنف والقتل الثأري، بل أن وجودها يجعل العنف والقتل أسلوبا مقبولا لحل النزاعات الإجتماعية.









2017/01/25

أنماط جرائم القتل في الأردن والوقاية من إرتكابها



جرائم القتل حسب مرجعيات منظمة الصحة العالمية ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، يقسم لثلاثة أقسام رئيسية كما يلي:
1) القتل المرتبط بالعلاقات ما بين الأشخاص وتكون الجريمة في هذا النوع من القتل بسبب وجود نزاع ما بين الجاني والمجني عليه، أو لقيام الجاني بعقاب المجني عليه لأسباب اجتماعية، ثقافية، او اقتصادية. وينقسم إلى:
أ) القتل المرتبط بالعلاقات الاسرية والعاطفية: ومنها القتل المرتبط بالنوع الاجتماعي، والقتل العرفي (جرائم الشرف وجرائم العاطفة)، والقتل الجماعي للأسرة والانتحار بعد قتل أفراد الأسرة، وفي هذه الجرائم يكون الجاني والمجني عليه في نفس المسكن أو بينهما علاقة اجتماعية، ويرتبط هذا القتل بعوامل عاطفية أو اقتصادية أو قانونية.


ب) القتل خارج العلاقات الأسرية والعاطفية وهو مرتبط بقضايا الثأر أو الخلاف على الممتلكات، الخلافات ما بين الجيران، أو بين الغرباء تماما بحيث يكون الجاني والمجني عليه لا يعرفان بعضهما البعض مسبقا ويكون القتل هنا مرتبط بفعل عنفي عشوائي بظروف جمعت بينهما، وأيضا مرتبط بهذا النوع القتل الجماعي في أماكن العمل او المدرسة.

2) القتل المرتبط بجرائم جنائية وينقسم الى:

أ) القتل المرتبط بالاتجار بالمخدرات وجرائم السرقة والسطو المسلح، والقتل المرتبط بالجرائم الجنسية، وقد لا يكون القتل هو الهدف الرئيسي لكنه ينفذ كجزء من تنفيذ الجريمة او للحيلولة دون اكتشاف السارق او المغتصب.
ب) الجريمة المنظمة من قبل العصابات وتجار المخدرات والأسلحة وتهريب البشر وتستهدف المنافسين او القائمين على العدالة أي الشرطة والقضاء أو استعراضا للقوة والسيطرة على مناطق محددة لشيوع الجريمة المنظمة.

3) القتل المرتبط بأجندات إجتماعية-سياسية وهي:
أ) القتل المرتبط بالإرهاب وجرائم الكراهية، والتمييز العنصري حسب العرق، والجنسية، والدين، والمستوى الاجتماعي الخ...
ب) القتل المرتكب من قبل ضباط تطبيق القانون
ج) قتل التنظيمات الاجتماعية-السياسية السرية أشخاص لهم رأي معلن دفاعا عن مبادئها.
د) قتل العاملين في مجال الصحافة والخدمات الإنسانية التطوعية وفي مؤسسات الأمم المتحدة. 

أي أنواع جرائم القتل الشائعة في الاردن؟
شيوع النوع الأول من جرائم القتل المنوه عنه أعلاه (المتعلق بالعلاقات ما بين الأشخاص) موثق في الأردن ويشكل جزءا إحصائيا هاما من مجمل جرائم القتل وخاصة جرائم النوع الاجتماعي والشرف والعاطفة والقتل الجماعي للأسرة وجرائم العنف القاتلة ضد الاطفال.
هناك بضعة حالات من النوع الثاني المرتبط بالجرائم الجنائية من مثل السرقة والاغتصاب.
تم مؤخرا توثيق وقوع حالات من النوع الثالث المتعلق بجرائم الكراهية وضد الصحفيين وجرائم الإرهاب. 

الحل بتشديد العقاب أم برامج الوقاية؟
الوقاية من هذا الجرائم عموما، كما تشير المراجع المعرفية المسندة، لا يعتمد بدرجة كبيرة على تشديد العقوبة للردع، وإنما على برامج الوقاية الأولية بالتعامل مع عوامل الخطورة للجريمة قبل حدوثها وأيضا على برامج الوقاية الثانوية الموجهة لفئات من المجتمع معرضة للخطر أكثر من غيرها...

إتمام جريمة القتل يتطلب ان يكون هناك دافع للقتل ويتبعه التخطيط وظروف تسمح بالتنفيذ وسياق يوفر أداة الجريمة ومكانها وقدرة على التنفيذ مرتبطة مباشرة بماهية العلاقة ما بين الجاني والمجني عليه، وللأسف يغيب عن ذهن الكثيرين ان جريمة القتل لا تكتمل الا بتراخي وعجف الحكومة...

هل هناك مسؤولية على الحكومة بحدوث مثل هذه الجرائم؟ 
1) وزارة الصحة لا زالت تنأى بنفسها عن مهمة رئيسية تتعلق بحياة وصحة الإنسان وهي الوقاية من العنف والإصابات، على الرغم من توصيات منظمة الصحة العالمية بإنشاء مديرية الوقاية من العنف والإصابات ومنذ عدة سنوات إلا أنها لم تبادر مطلقا للولوج في هذا المجال وكأنها غير معنية به.
2) شيوع الأمراض والاضطرابات النفسية والإدمان وضعف الاستجابة لها على المستوى الوطني بالوقاية وبتوفير الخدمات العلاجية والتأهيلية وبالعمل على تطوير التشريعات المتعلقة بالطب النفسي، ويشمل ذلك وللأسف الأطفال اقل من 18 سنة حيث لا يوجد جهة حكومية تقدم الرعاية الطبية النفسية لهم.
3) تشتت برامج الوقاية والاستجابة لحالات الإدمان.

وزارة التنمية الاجتماعية
1) وزارة التنمية الاجتماعية لا زالت متعثرة في برامج حماية الأسرة وخاصة برامج الوقاية وتغيير الاتجاهات السلبية بالمجتمع المتعلقة بالعنف، وأيضا هناك ضعف مزمن ببرامج الاستجابة للعنف الأسري والتي تتفاقم وتتكرر ليصاحبها جرائم قتل أسري.
2) فشلت الوزارة والحكومة في مواجهة الفقر والبطالة والتي تشكل احد عناصر عوامل الخطورة المجتمعية لارتكاب جرائم القاتل أن كان داخل الاسرة أو خارجها.
3) هناك غياب أي جهة تتحمل مسؤولية علاج وتأهيل الأطفال مرتكبي الجرائم (الاحداث) بشكل متكامل من الناحية النفسية والاجتماعية، علما بأن الأبحاث تشير لاحتمال نجاح برامج تأهيلهم إذا تمت في وقت مبكر وبالتالي الوقاية من ارتكابهم جرائم، بما فيها القتل، عند تعديهم مرحلة الطفولة.

وزارة الداخلية:
1) وزارة الداخلية فشلت في السيطرة على شيوع أدوات ارتكاب جرائم القتل وخاصة الأسلحة النارية الصغيرة من الناحية التشريعية والتنفيذية، وعدم إعطاء أولوية لمواجهة الاتجار بالسلاح بالسوق السوداء.
2) شيوع التعاطي والاتجار بالمخدرات بأشكالها وخاصة العقاقير الطبية والمخدرات رخيصة الثمن المصنعة محليا، وشيوع فكرة هزيلة من أن الأردن لا زال ممراً للمخدرات وليس منتجا أو مستهلكا لها، علما بأن الترويج و الاقتناع بهذه الفكرة يؤدي لضعف الرقابة من قبل الأهل والمدرسة ومؤسسات المجتمع على الأطفال والأبناء.
3) وزارة الداخلية لا زالت تطبق قانون منع الجرائم الذي يمنح المحافظ والمتصرف سلطة التوقيف، وهو من القوانين المتخلفة التي عفى عليها الزمن والغيت في كل دول العالم التي تحترم حقوق الإنسان وتفصل ما بين السلطات.

مجلس النواب:
1) الفجوات في التشريعات الاردنية التي لا زالت تسمح بالإفلات من العقاب وخاصة بجرائم قتل النساء والأطفال داخل الأسرة المتعلقة بإسقاط الحق الشخصي.
2) فشل مجلس النواب لعشرات السنوات من إقرار قانون حقوق الطفل، وتعثر عدة مرات في تعديل قانون الحماية من العنف الأسري، وقانون العقوبات لا زال يشمل مواد تشكل انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان من مثل المواد 308 و340 و62، وعجز المجلس عن مجرد التفكير في مطالبات المجتمع المدني والمركز الوطني لحقوق الانسان بإلغاء قانون منع الجرائم وأحالة مهامه للسلطة القضائية.
3) اقرت الحكومة مؤخرا مشاريع قوانين تعظم دور الحاكم الاداري، تجاوزا وانتهاكا للسلطة القضائية، لمنحه صلاحية إصدار مذكرة إلقاء القبض والتوقيف، ومشروع تعديل قانون منع الجرائم لعام 1954 الذي يعيد القوانين العشائرية التي ألغيت عام 1976.

المجلس الوطني لشؤون الاسرة:
1) الإخفاق في تنفيذ الاستراتيجيات والأطر الوطنية لحماية الأسرة وفشل نظام تتبع الحالات الإلكتروني تشكل في مجملها بيئة خطرة تفاقم عواقب حالات العنف الأسري لتصبح قاتلة.
2) لجان التحقيق في التقصير الذي ادى لوفيات عدة أطفال من العنف، لم يكن ناجعا في أغلب الحالات، يستمر عدة أشهر، ويصل لنتائج غير قابلة للتنفيذ، او غير ملزمة التنفيذ.
3) عدم نجاعة الفريق الوطني لحماية الاسرة لتنفيذ العمل التشاركي الوقائي ببرامج توعية مستدامة قابلة للرصد وقياس النتائج، وتعثر الفريق ببرامج الاكتشاف المبكر للحالات في القطاع الصحي والاجتماعي والقانوني، مما يؤدي لاستمرارحصول العنف خلف ابواب موصدة واسوار مرتفعة تفاقم عواقبه لتصبح قاتلة.

عبارة "نحن جميعنا نتحمل المسؤولية"، هي عبارة يعصى فهمها... لان من يتحمل المسؤولية في مواجهة عوامل خطورة إرتكاب جرائم القتل هي وزارات ومجالس محددة تخفق بمهام يتوقع منها أن تنجزها بمهنية وحرفية وبمرجعية قانونية أخلاقية.

الدكتور هاني جهشان مستشار الطب الشرعي
الخبير في مواجهة العنف لدى مؤسسات الأمم المتحدة

2017/01/19

القتل الجماعي للأسرة، ظاهرة يتوجب على الحكومة العمل على الوقاية منها

مع كل جريمة قتل أسرى، وخاصة أذا كان جماعية، نرصد ارتفاع في وتيرة النشاط الإعلامي في مجالات (1) التقارير الصحفية (2) كُتّاب الأعمدة (3) الندوات التلفزيونية (4) إعلام المواطن والتواصل الاجتماعي الخ.. وتستمر لبضعة أيام...تتلاشى بعدها تدريجيا وكأن شياً لم يكن.
 
الأسباب وعوامل الخطورة:
أظهرت الأدبيات العلمية أيضا أن القتل الجماعي للأسرة مرتبط بارتفاع نسبة التفكك الأسري والانفصال ما بين الزوجين والتهديد بالطلاق، وبشيوع الأمراض النفسية من مثل الاكتئاب أو الإدمان أو وجود سيرة سابقة لمرض نفسي، وقد ثبت وجود عنف أسري أستدعى تدخل الجهات الرسمية بنسبة مرتفعة من مجمل هذه الجرائم.

هذه الجريمة تمثل أسوء عواقب العنف الأسري القاتلة، وحدوثها يشير إلى أن مشكلة العنف داخل الأسرة هي مشكلة حقيقية ومنتشرة بشكل يفوق عدد الحالات التي تطلب المساعدة، وإن دمار أسرة بكامل أفرادها لهو دليل على أن أغلب حالات العنف الأسري تحصل خلف أبواب موصدة ولا يبلغ عنها حيث تترك وتتفاقم عواقبها النفسية والاجتماعية والجسدية لتصل إلى العنف المميت.
حصول جريمة بهذا الشكل هو دليل على أن الخدمات المقدمة لحماية الأسرة من التفكك والعنف لا زالت قاصرة عن مواجهة الواقع، فأغلب حالات العنف الأسري وتفكك الأسرة المنتشرة بالمجتمع لا تكتشف وتترك لاحتمالية وصول عواقبها للموت، كما وأن مثل هذه الجريمة هو مؤشر على أن وسائل الاستجابة للعنف الأسري لا زالت بحاجة لتطوير ومتابعة وتقييم، وهي أيضا دليل على غياب أو نقص برامج الوقاية الأولية لتوعية عامة المجتمع بمواجهة التفكك والعنف الأسري، وهي أيضا دليل على غياب أو نقص برامج التعريف بالخدمات المقدمة لضحايا العنف والتفكك الأسري.

الاضطرابات النفسية وجريمة القتل الجماعية للأسرة:
أثبتت الأدبيات الطبية أن الأمراض والاضطرابات النفسية، تلعب دورا هاما في هذه الجريمة، مثل جنون العظمة، الغيرة القاتلة، والفصام، والإدمان ويتصف من يرتكبون مثل هذه الجرائم بالعدائية، وعدم القدرة على السيطرة على النفس، والشخصية ضد الإجتماعية المتصفة بأفكار العظمة، وعدم احترام الذات والإحباط بسهولة والعزلة الاجتماعية، كما أن اضطرابات الشخصية تشكل عوامل خطورة هامة في حدوث هذه الجريمة كالكرب المرافق لأحداث الحياة كالأزمات المالية أو الخلافات الزوجية والتفكك الأسري والشعور بالرفض من قبل أفراد الأسرة الأخرين، والكرب الناتج عن المعاناة من الأمراض المزمنة أو ظروف المعيشة الصعبة بسبب الفقر والبطالة. مما يفاقم عوامل الخطورة هذه غياب التشخيص المبكر للمرضى النفسيين وعدم كفاءة الاستجابة المتعددة القطاعات المقدمة لهم، وارتباط المرض النفسي بوصمة اجتماعية وغياب خطة وطنية استراتيجية للصحة العقلية والنفسية تتحمل مسؤولية الكشف المبكر والعلاج القائم على الدليل العلمي المسند.

الوقاية من هذه الجريمة هو بالتعامل مع جذور العنف الأسري:
العنف الأسري ليس أمر حتميا وليس قضاء وقدرا، فهو نتاج عوامل خطورة يمكن السيطرة عليها وهي قابلة للتغير، ومواجهة العنف الأسري ليست مهمة اختيارية أو هامشية وإنما يجب أن يستجاب له وللوقاية منه بالتنسيق بين جهات متعددة القطاعات، وإن الحكومة هي في طليعة هذه القطاعات المتعددة وضامنه للتنسيق بينها وتعمل على رصد أدائها وهي المسؤولة عن المساءلة عند الإخفاق كحصول جريمة بشعة وشنيعة كجريمة السلط.

يتوقع من الدولة أن تتبنى استراتيجيات وأطر وطنية وقوانين واضحة تجعل العنف غير مشروع، وعليها أن تتبنى آليات لضمان العمل والتنسيق بين القطاعات التي تقدم خدمات حماية الأسرة بما في ذلك توفير الخط الساخن الفعال لتلقي البلاغات وتوفر خدمات الكشف المبكر لضحايا العنف الأسري وتوفير الخدمات العلاجية والتأهيلية لضحايا العنف الأسري، كما ويتوقع أن تتبنى الدولة استراتيجية وطنية للتعامل من الصحة العقلية والنفسية تضمن التشخيص المبكر والعلاج الفعال للمرضى النفسيين.

إن مواجهة العنف الأسري يتطلب من الدولة أيضا أن توفر موظفين فعّالين ومدربّين جيدا؛ وأن تشرك مؤسسات المجتمع المدني والأكاديميين في الدعم لمواجهة هذا المشكلة، وأنت تعمل على دمج الجهود الرامية إلى مواجهة العنف الأسري في برامج الصحة العامة وفي برامج التنمية الشاملة، وهناك أهمية قصوى في دمج المعرفة العلمية عن أسباب العنف الأسري وعواقبه في مناهج التعليم في كافة مستويته، وأن تتعهد الدولة بزيادة التمويل وتقدير الميزانيات على الصعيد الوطني بما يضمن الاستمرارية في حماية الأسرة من العنف.

الدكتور هاني جهشان، مستشار أول الطب الشرعي
الخبير في مواجهة العنف لدى مؤسسات الأمم المتحدة