2016/12/20

مواجهة الإرهاب يتطلب التعامل مع جذوره الحقيقية

يشكل الإرهاب خطرا حقيقيا للسلم والأمن العالمي، فبالإضافة للأثر المدمر للإرهاب على انهاء حياة البشر وإلحاق العاهات والأمراض النفسية والجسدية بهم، هناك أثره على هدم الحكومات ودمار المجتمعات وتقويض التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

الوقاية من الإرهاب والتعامل مع مخاطر حدوثه أو مع أنشطته صعب للغاية بسبب تعقيد وتقاطع جذور النشاطات الإرهابية وتغيّرها باستمرار فهناك تبدل مستمر في الدوافع والتمويل ووسائل التنفيذ والأهداف. 
الإرهاب أيضا يتحدى ويخترق الحدود ما بين الدول، وهذا يزيد من صعوبة التعامل معه، مما يتطلب تعاون ما بين أجهزة الدولة نفسها وما بين الحكومات بهدف العمل على تحقيق إنجاز حقيقي في مواجهته.

بمرجعية النموذج البيئي وككل أشكال العنف تشمل جذور الإرهاب عوامل خطورة مجتمعية وأخرى اجتماعية وعوامل فردية وعوامل تتعلق بالعلاقات الاسرية.
عوامل الخطورة المجتمعية: وهي من أهم جذور الإرهاب وتشمل:
1) ضعف دور الدولة في رعاية المواطن، فهناك نقص مستمر في الاحتياجات الأساسية من الطعام، الكساء، والمأوى وهذه الظروف تؤدي لشيوع العنف بما فيها الأنشطة الإرهابية.
2) التهميش الاجتماعي والاقتصادي وشيوع الفقر، فممارسات الحكومة الخاطئة والفاشلة في المجال الاقتصادي والزراعي واستغلال الطاقة يدفع المواطن أن يلجأ للعنف كوسيلة رئيسية للسيطرة على الموارد في مواجهة الحكومة وهذا يولد بيئة حاضنة للإرهاب.
3) غياب الحريات والديمقراطية الحقيقية، وشيوع الاستحواذ السياسي والإقطاع النخبوي، وغياب الحوكمة الرشيدة، فهذه جميعها تؤدي إلى شيوع الظلم وغياب العدالة وتعمل على تشكيل حاضنة للعنف والإرهاب.
4) مشاركة الدولة في الصراعات الإقليمية غير القابلة للحل.
5) هجرة الشعوب إلى أماكن محصورة كالمخيمات يؤدي نفاذ الموارد البيئية، ويرافق ذلك  شيوع الفقر وبالتالي شيوع العنف والإرهاب.
6) توفر الدعم المالي المستمر من قبل مستثمري الإرهاب، لدوافع سياسية أو لدوافع مرتبطة بالاتجار بالمخدرات والسلاح والبشر. 
7) غياب سيادة القانون وشيوع انتهاك حقوق الإنسان وشيوع التميز الإقليمي والعرقي والقومي والديني.

عوامل الخطورة الاجتماعية المتعلقة بالثقافة السائدة:
التجرد من البيئة الإنسانية للمواطن تشكل وسط مُرحب لثقافة التطرف الديني والذي يروج لها من قبل مستثمري الإرهاب، كمخلص من الكرب والفقر ولنشر هذه الثقافة يتم ربطها بحياة الرفاهية ما بعد الموت.

عوامل الخطورة الفردية وفشل العلاقات الأسرية:
تشكل الاضطرابات النفسية واضطرابات الشخصية واضطراب العلاقات الأسرية عوامل إضافية مكملة لما سبق ذكره في حصول الإرهاب.

مواجهة الإرهاب:
لن يكتب النجاح لمواجهة الارهاب بواسطة ندوات يحاضر بها رجال دين وعلماء اجتماع يتداولون تعاريف مبهمة ونظريات غير مسندة علميا أو بواسطة مقاطع تلفزيونية ركيكة عاجزة عن الوصول للعقل والنفس ويبدو أنها تدعو للإرهاب بدل مواجهته. 
مواجهة الإرهاب يتطلب التعامل مع البيئة التي تهيئ ظروف انتشاره والوارد ذكرها في عوامل الخطورة الاجتماعية والمجتمعية الواردة سابقا، تعمل في محاور:
(1) الوقاية الأولية بتنفيذ ورصد وتقييم برامج اجتماعية اقتصادية وسياسية لعموم المجتمع توفر الحياة الكريمة للمواطن وتحافظ على حقوقه، وتعمل على الالتزام بإجراءات سيادة القانون.
(2) برامج وقائية خاصة بالتعامل مع المعرضين لخطر الانضمام للإرهابين أكثر من غيرهم، تعمل على توفير فرص التعليم والثقافة والعمل والتخلص من الفقر وبناء شخصية المواطن القائمة على الانتماء للوطن.
(3) برامج تتعامل مع التهديد المباشر لحصول الإرهاب وتشمل منع الإرهابيين من (١) النفاذ للوسائل التي تمكنهم تنفيذ أعمالهم الإرهابية (2) والحيلولة بينهم وبين المستهدفين و(٣) عرقلة رغبتهم بالوصول لأثر أعمالهم الإرهابية. يشمل ذلك الرقابة الحقيقية على تهريب والاتجار بالأسلحة الصغيرة وعلى المواد الأولية الكيماوية لصناعة المتفجرات، والرقابة الحقيقة على وسائل التواصل الرقمية. وتوفير الأمن الكافي للأهداف المتوقعة. 
(4) رفع كفاءة جميع أجهزة الدولة الامنية في مجالي الوقاية من الارهاب ومواجهته، وخاصة القدرة الاستخباراتية المحلية والإقليمية. يشمل ذلك التدريب والابحاث وتوفير الموارد البشرية والمالية والتكنولوجيا المتطورة.
الدكتور هاني جهشان مستشار الطب الشرعي
الخبير في مواجهة العنف لدى مؤسسات الامم المتحدة

2016/12/05

فوضى الخدمات الإجتماعية في الاردن انتهاك لحقوق الإنسان

أعلنت اليوم 5-12-2016 وزارة التنمية الاجتماعية رسميا "ان متابعة المرضى النفسانيين ليست مسؤوليتها" وتعاضد هذه التصريح الذي يعكس قناعة وواقع الوزارة مع ضعف واقع حال الخدمات الاجتماعية في القطاع الصحي، وأيضا مع واقع الخدمات الاجتماعية المتردي في مراكز الاصلاح وإدارات الامن العام الاخرى كإدارة حماية الأسرة وإدارة مكافحة المخدرات، مما يشير بشكل جلي لوجود فوضى في هذه الخدمات بالأردن والذي يشكل انتهاكا صارخا لحقوق الانسان.
ففي القطاع الصحي، على سبيل المثال، للخدمة الاجتماعية دور محوري بمرجعية تعريف منظمة الصحة العالمية 
"للصحة" بأنها "حالة من إكتمال المعافة الجسدية والنفسية والإجتماعية، وليس مجرد إنتفاء المرض والعجز" فالخدمات الصحية التي تقدم للمواطنيين للإستجابة للحالة الجسدية لأي مرض تعتبر ناقصة دون الإستجابة لحالة المريض النفسية وحالته الإجتماعية.
الباحث الإجتماعي في القطاع الصحي من المتوقع أن يقوم المهام التالية:
(1)    توفير الدعم الإجتماعي للمرضى وأقاربهم، وخاصة المهمشين بسبب الفقر أو الجهل، الذين يعانون من الأمراض العضال او الأمراض القاتلة من مثل ألزهيمر والخرف، والسرطان والأيذز وخاصة الذين يعانون من الفقر والبطالة. 
(2)    توفير الدعم الإجتماعي لحالات أمراض الشيخوخة، وتوفير الدعم الإجتماعي والنفسي للمرضى المحتاجين لزراعة الأعضاء وللمتبرعين لهم 
(3)    المساعدة في إجراءات خروج المرضى من المستشفى للمرضى المسنيين والمهمشين والفقراء، وتوفير الإرشاد الإجتماعي والدعم لهم، والمساهمة في توعية المريض وأهله بخصوص المرض المتعلق بالمريض بواسطة تيسير حصول المريض على الموارد المجتمعية التي قد يحتاجها لمتابعة علاج مرضة وتأهيله، 
(4)    المساهمة في حل المشاكل السلوكية التي قد تعيق تقديم الرعاية والعلاج للمريض، 
(5)    التعامل مع كافة عوامل الخطورة الإجتماعية التي قد تحيط بالمريض وأسرته المتعلقة بالجريمة والعنف، 
(6)    المساهمة في توفير المعلومات الإجتماعية لإستشارت وخدمات الطب النفسي التي قد يحتاجها المرضى.
(7)    توفير الدعم الإجتماعي لأقارب الوفيات المفاجئة وخاصة الأطفال والرضع منهم.
(8)    توفير الدعم الإجتماعي لإصابات الحوادث الجماعية ولأقارب مجهولي الهوية والمفقودين.

الوضع الحالي وعند حدوث حالات مثل المذكورة سابقا يحدث إرباك شديد للمريض وأقاربه وللأطباء ولإدارة المستشفى لأن عدد الباحثين الإجتماعين في المستشفيات الحكومية هو ضئيل جدا إلى درجة الغياب التام، وإن وجدوا فإنه توكل لهم بالعادة مهام كتابية ليس لها أية علاقة بمهنتهم الأساسية المتعلقة بالعمل الإجتماعي، وقد يطلب منهم مهام ليس من المتوقع أن يقومو بها.
التحديات التي تواجه مهنة الباحث الاجتاعي في الاردن:
1)    الحكومة لا تعطي اولوية لتعينهم في القطاع الصحي او التربوي وحتى في وزارة التنمية الاجتاعية، أو لتوفير التدريب الكافي لهم بهدف رفع الكفائة المعرفية أو المهارتية لديهم.
2)    غموض مهام الباحث الإجتماعي، وقيامه بأعمال إدارية خارج نطاق عمله الإجتماعي.
3)    غالباً ما يتعرضون لضغوط العمل الوظيفي وتدني الرواتب وبالتالي يعجزون عن  القيام بالمهام المهنية الإجتماعية المتوقع منهم القيام بها.
4)    هناك الحاق أشخاص من مهن أخرى أو لا يحملون شهادات العمل الإجتماعي للقيام بالمهام التي يتوقع أن يقوموا بها.

من يتحمل مسؤولية مواجهة  الفوضى في الخدمات الاجتماعية؟
(1)    هناك مسؤولية على الحكومة إن كان بمبادرة من وزارة التنمية الإجتماعية أو وزارة الصحة بتوفير عدد كافٍ من الباحثين الإجتماعيين في القطاع الصحي.
(2)   أيضا على الحكومة ان توفر عدد كاف من المهنيين في المجال الاجتماعي يغطي بالإضافة للقطاعين الاجتماعي والصحي، القطاع التربوي والقطاع القانوني (إدارة حمايةالاسرة وإدارة مكافحة المخدرات ومراكز الاصلاح الخ...)، تجمعهم نقابة مهنية بقانون يضبط الممارسة وتتحمل وزارة التنمية الاجتماعية مسؤولية تنفيذه والاشراف على هذه النقابة العتيدة، حيث ثبت اخفاق عدة محاولات لانشاء جمعيات لهذه المهنة.
(3) يتوقع أن تقوم وزارة التنمية الاجتماعية تنفيذ حملات توعية لمهام الباحث الإجتماعي، تعمل على تقبّل وجوده كمهنة أساسية وهامة في جميع القطاعات بما فيها القطاع الصحي، وتحافظ على صورة مهنية ذات مستوى رفيع فاعلة في خدمة المواطن وحمايته وترفض الصورة النمطية السلبية عن عمل الباحث الإجتماعي كموظف أحتياط قد يطلب منه أية مهام خارج نطاق مهتة العمل الإجتماعي
الدكتور هاني جهشان مستشار الطب الشرعي


2016/11/26

سراب دولة سيادة القانون، العنف الجماعي مثالاً

إن العنف الجماعي ليس جزءا حتميا من حياتنا ولا يتوقع منا أن نتقبله كنمط يتصف به مجتمعنا، وهو ليس مشكلة مستعصية لا يمكن التغلب عليها بل من الممكن تحديد جذورها وأشكالها وعواقبها وبالتالي التخلص منها.
تعريف العنف حسب منظمة الصحة العالمية: الاستعمال المتعمد للقوة أو القدرة سواء بالتهديد أو الإستعمال الفعلي لها من قبل الشخص ضد نفسه أو ضد شخص آخر أو ضد مجموعة أو مجتمع، بحيث يؤدي إلى حدوث أو رجحان إحتمال حدوث إصابة أو موت أو إصابة نفسية أو سوء النماء أو الحرمان.
يمكن أن يعرف العنف الجماعي بأنه استخدام العنف كآلة أو وسيلة بواسطة أشخاص يعرفون أنفسهم بأنهم أعضاء في مجموعة، سواء كانت هذه المجموعة ثابتة أو مرحلية من ناحية المكان والزمان، ضد مجموعة أخرى وذلك لتحقيق أغراض اجتماعية أو إقتصادية أو سياسية، منفردة أو مجتمعة.
يجب تمييز العنف الجماعي عن العنف المجتمعي والذي يقصد به: العنف الذي يقع بين أشخاص لا تجمعهم قرابة سواء كانوا يعرفون بعضهم او لا يعرفون، ويكون موضع العنف خارج المنزل عموما. 
عنف الفتيان (ذوي الأعمار بين 10 -29 سنة) يشمل طيفا واسعا من الأعمال العدوانية تتراوح بين التهديد و الضرب البدني إلى الإعتداء والإغتصاب والقتل. والذكور هم الجناة الأساسيين في العنف وضحاياه.

تأسيسا على هذا التعريف فإن الدافع وراء ارتكاب العنف الجماعي المتمثل بالعنف ما بين عائلات أو عشائر أو سكان أحياء محددة ضد مجموعات سكانية مشابهة يتعدى بطبيعة الحال حالة الغضب الآني المرافق لارتكاب جريمة ضد أحد أفراد الجماعة، إلى أغراض إجتماعية أو إقتصادية أو سياسية تخدم مصالح هذه الجماعة، وبذلك يستخدم هذا العنف كوسيلة ضغط لتحقيق هذه الأهداف.
إن قيام جماعة محددة، العشيرة مثلا، بعقاب مرتكب جريمة بحق أحد أفرادها والإنتقام منه بإيذاء أحد أفراد أسرته أو عشيرته أو ممتلكاتهم، أو قيام الجماعة بحماية غير قانونية لأحد أفرادها ارتكب جريمة ما ضد شخص من جماعة أخرى، هي وبصراحة مؤشرات راسخة على غياب الثقة بالسلطة القضائية وبدور الدولة الوقائي والعقابي في مواجهة الجريمة.

عوامل الخطورة لحدوث العنف الجماعي:
لقد نصت القوانين الجزائية الأردنية على عقوبة محددة لكل جريمة تطبق على الجميع بمساواة من قبل سلطة قضائية مشهود لها بالمهنية والنزاهة والحيادية، وعلى ترتيبات وقائية لمنع الجرائم والحد من تفاقمها، وشهد تاريخ العشائر الأردنية صفحة ناصعة في دعم الدور الوطني للدولة في مواجهة الجريمة، إلا أن ما نشاهده من عنف جماعي مؤخرا هو مؤشر على ضعف الثقة بالدولة الذي يتراوح بين حقيقة واقعة كتدني فعالية شبكة الأمان الإجتماعي وبين نظرة أفراد المجتمع للدولة التي تراجع دورها الحقيقي بسبب إزدياد الخصخصة ونقص حجم القطاع العام.
وعليه فإن سبب الخلل الذي أدى إلى العنف الجماعي في مجتمعنا والذي شاهدناه مؤخرا، هو تعاضد ضعف ثقة المواطن بالدولة بسبب غياب دورها الحقيقي مع شيوع ثقافة أن العنف الجماعي هو وسيلة ضغط على الدولة لتحقيق أهداف اجتماعية واقتصادية وسياسية تخدم الجماعة أو بعض أفرادها.
أما عوامل الخطورة الأخرى التي تؤدي إلى حصول الشغب والعنف الجماعي والتي تتعاضد مع ضعف الثقة بسلطة الدولة، فتتمثل في إخفاق الدولة بإدارة التحديات السياسية، واتساع حالة التفاوت الإجتماعي، وزيادة توفر الأسلحة الفردية بين المواطنين.
ومن العوامل الديموغرافية التي أدت إلى ضعف دور الحكومة واستبداله بدور محلي للعشيرة هو تزايد الكثافة السكانية وازدياد نسبة الشباب في المجتمع المحلي وإخفاق الدولة بالتلاؤم مع ازدياد السكان وما يتطلب ذلك من دعم اجتماعي لهم، بالإضافة إلى المستويات العالية من البطالة خاصة ما بين الشباب، فضعف دور الدولة في موجهة هذه المشكلة أدى إلى استبداله بدور للعشيرة.
إن الثقافة السائدة حول تقبل العنف بما في ذلك العنف الجماعي، يعكس موروثا اجتماعيا وقيميا هاما ويساهم في تشكيل أهم عوامل الخطورة لحصول العنف، فالعوامل الثقافية تؤثر مباشرة على شدة وأشكال العنف في مجتمعنا، فمثلا يتم الإقرار والرضا بأن العنف طريقة طبيعية لحل النزاعات والخلافات ويتعلم المواطنين، وخاصة الشباب منهم، تبني القيم التي تدعم السلوك العنفي. أما الترويج لثقافة الإنتماء العشائري بما يفوق الانتماء للأسرة والمجتمع المحلي وللدولة فيشكل أيضا عامل خطورة أساسي في حصول العنف الجماعي ومن الدقة وصفه بأنه تزويد وشحن بنعرات سلبية غير مقبولة.
أما عوامل الخطورة الفردية المتمثلة بفرط الاندفاعية وضعف السيطرة على السلوك، والنّزق والعصبية فقد لا تلعب دورا هاما في أن تكون السبب المباشر للعنف الجماعي إلا أن مثل هؤلاء الأشخاص يكونوا السباقين في ممارسة الأفعال العدائية أثناء حدوث العنف الجماعي.

مرجعيات مواجهة العنف الجماعي:
أولا: إن المرجعية الأساسية في مواجهة العنف الجماعي، هو أن هناك سلطة للكحومة يعبر عنها بوجود أطر قانونية نافذة تطبق على جميع المواطنين بالتساوي، فمقياس النجاح في مواجهة العنف هو قوة الردع المتمثلة بالمدى الذي تستطيع الدولة من خلاله تطبيق قوانينها الجزائية بقوة وحزم على مرتكبي الجرائم، وتنفيذ قوانينها المتعلقة بالوقاية من العنف قبل حدوثه ومنع تفاقم عواقبه بعد حدوثه.
ثانيا: المرجعية الثانية في مواجهة العنف الجماعي تتمثل بتطبيق الحكومة لسياسات توفر الحماية الإجتماعية للمواطنين، بترسيخ التكامل الاجتماعي في مواجهة التفرقة، التعصب، الإضطهاد، النفور، والكراهية، والإنفصالية.
تأسيسا على المرجعيات المشار إليها أعلاه يتوقع من الحكومة أن تضع إستراتيجية وطنية للوقاية من العنف، بما في ذلك العنف الجماعي، على أن تضمن تنفيذها بخطة عمل قابلة للمراقبة والتقييم.
ويتوقع أن تهدف الإستراتجية الوطنية للوقاية من العنف إلى مايلي:
(1)  تحقيق البنية الإجتماعية العادلة والثابتة، وبناء الروابط بين المجموعات السكانية بناء على العدالة والمواطنة والمساوة كعنصر أساسي وقائي لمنع العنف.
(2) تطوير الموارد البشرية والعمل بطرق مختلفة لإدماح المواطنين في مشاريع تنموية.
(3) إدماج الوقاية من العنف في السياسات الإجتماعية والثقافية للمجتمعات المحلية لمواجهة ثقافة تقبل العنف.
(4) المحافظة على الأمن والآمان في المجتمعات المحلية بما في ذلك مواجهة الإنتشار غير القانوني للإسلحة الصغيرة.
(5) وضع برامج تهدف لاعتماد مبدأ اللاعنف من قبل فئة الشباب اليافعين في الجامعات والمدارس والمجتمعات المحلية والوصول لآليات تكشف مبكرا نزعات العنف لديهم.
(6) وضع آليات لضمان الإستجابة المهنية لحماية ضحايا العنف من الناحية الصحية والنفسية والاجتماعية وكذلك القانونية بضمان رد الضرر والتعويض.
ليس العنف أمرا حتميا علينا تقبله، فهو آفة من الممكن علاجها ومن الممكن الوقاية منها إذا تحمل المواطن والأسرة والعشيرة والدولة أدوارهم بمسئولية، كل في مجاله.
الدكتور هاني جهشان مستشار الطب الشرعي
الخبير في مواجهة العنف لدى مؤسسات الأمم المتحدة

2016/11/05

جرائم القتل في الأردن... وذاكرة السمك

 مع كل جريمة قتل لطفل معذب أو قتل أسري او انتحار بعد قتل افراد الاسرة، نرصد ارتفاع في وتيرة النشاط الإعلامي في مجالات (1) التقارير الصحفية (2) كُتّاب الاعمدة (3) الندوات التلفزيونية (4) اعلام المواطن والتواصل الاجتماعي الخ.. وتستمر لبضعة أيام... ولان ذاكرتنا في الاردن كذاكرة السمك نعود بعد بضعة أيام لملهاة السياسة الأردنية ووهم الديمقراطية ومسرحية تشكيل مجلس الوزراء والعرض الساخر لثقة مجلس النواب بالحكومة...

المنفر بالموضوع ان وزارة الصحة ووزارة التنمية الاجتماعية... لا تملك حتى ذاكرة السمك... لان موضوع الوقاية والاكتشاف المبكر لعوامل الخطر المتعلقة بالعنف والجريمة خارج اهتماماتها أصلا وهي غير معنية به مطلقا... وأكثر ما يمكن إنجازه من المؤسسات الأخرى، كالمجلس الوطني لشؤون الأسرة، هو تشكيل لجنة تحقيق تتعثر ببيروقراطية، تخفي وراءها تخلف إداري وفساد المؤسسات ذات العلاقة بموضوع التحقيق، والمخرجات بعد عدة أشهر تقرير هزيل "لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ"

جرائم القتل حسب مرجعيات منظمة الصحة العالمية ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، يقسم لثلاثة أقسام رئيسية كما يلي:
1) القتل المرتبط بالعلاقات ما بين الأشخاص وتكون الجريمة في هذا النوع من القتل بسبب وجود نزاع ما بين الجاني والمجني عليه، أو لقيام الجاني بعقاب المجني عليه لأسباب اجتماعية، ثقافية، او اقتصادية. وينقسم إلى (أ) القتل المرتبط بالنوع الاجتماعي والقتل المرتبط بالعلاقات الأسرية، والقتل العرفي (جرائم الشرف)، والانتحار بعد قتل أفراد الأسرة، وفي هذه الجرائم يكون الجاني والمجني عليه في نفس المسكن أو بينهما علاقة اجتماعية، ويرتبط هذا القتل بعوامل عاطفية أو اقتصادية أو قانونية. (ب) القتل خارج العلاقات الأسرية والعاطفية وهو مرتبط بقضايا الثأر أو الخلاف على الممتلكات، الخلافات ما بين الجيران، أو بين الغرباء تماما بحيث يكون الجاني والمجني عليه لا يعرفان بعضهما البعض مسبقا ويكون القتل هنا مرتبط بفعل عنفي عشوائي بظروف جمعت بينهما، وأيضا مرتبط بهذا النوع القتل الجماعي في أماكن العمل او المدرسة.
2) القتل المرتبط بجرائم جنائية وينقسم الى (أ) القتل المرتبط بالاتجار بالمخدرات وجرائم السرقة والسطو المسلح، والقتل المرتبط بالجرائم الجنسية، وقد لا يكون القتل هو الهدف الرئيسي لكنه ينفذ كجزء من تنفيذ الجريمة او للحيلولة دون اكتشاف السارق او المغتصب. (ب) الجريمة المنظمة من قبل العصابات وتجار المخدرات والأسلحة وتهريب البشر وتستهدف المنافسين او القائمين على العدالة أي الشرطة والقضاء أو استعراضا للقوة والسيطرة على مناطق محددة لشيوع الجريمة المنظمة.
3) القتل المرتبط بأجندات إجتماعية-سياسية ومثال عليها (أ) القتل المرتبط بالإرهاب وجرائم الكراهية، والتمييز العنصري حسب العرق، والجنسية، والدين، والمستوى الاجتماعي الخ... (ب) القتل المرتكب من قبل ضباط تطبيق القانون، (ج) قتل التنظيمات الاجتماعية-السياسية السرية اشخاص لهم رأي معلن دفاعا عن مبادئها. (د) قتل العاملين في مجال الصحافة والخدمات الإنسانية التطوعية وفي مؤسسات الأمم المتحدة. 

شيوع النوع الأول من جرائم القتل المنوه عنه أعلاه موثق في الأردن ويشكل جزءا إحصائيا هاما من مجمل جرائم القتل، وهناك عدة حالات من النوع الثاني المرتبط بالجرائم، وتم مؤخرا توثيق وقوع حالات من النوع الثالث المتعلق بجرائم الكراهية. الوقاية من هذا الجرائم عموما، كما تشير المراجع المعرفية المسندة، لا يعتمد بدرجة كبيرة على تشديد  العقوبة للردع، وإنما على برامج الوقاية الأولية بالتعامل مع عوامل الخطورة للجريمة قبل حدوثها وأيضا على برامج الوقاية الثانوية الموجهة لفئات من المجتمع معرضة للخطر أكثر من غيرها...

إتمام جريمة القتل يتطلب ان يكون هناك دافع للقتل ويتبعه التخطيط وظروف تسمح بالتنفيذ وسياق يوفر أداة الجريمة ومكانها وقدرة على التنفيذ مرتبطة مباشرة بماهية العلاقة ما بين الجاني والمجني عليه، وللأسف يغيب عن ذهن الكثيرين ان جريمة القتل لا تكتمل الا بتراخي وعجف الحكومة...
هل هناك مسؤولية على الحكومة بحدوث مثل هذه الجرائم؟ لنضع النقاط على الحروف بصراحة:
1) وزارة الصحة لا زالت تنأى بنفسها عن مهمة رئيسية تتعلق بحياة وصحة الإنسان وهي الوقاية من العنف والإصابات، على الرغم من توصيات منظمة الصحة العالمية بإنشاء مديرية الوقاية من العنف والإصابات ومنذ عدة سنوات إلا أنها لم تبادر مطلقا للولوج في هذا المجال وكأنها غير معنية به.
2) شيوع الأمراض والاضطرابات النفسية والإدمان وضعف الاستجابة لها على المستوى الوطني بالوقاية وبتوفير الخدمات العلاجية والتأهيلية وبالعمل على تطوير التشريعات المتعلقة بالطب النفسي، ويشمل ذلك وللأسف الأطفال اقل من 18 سنة حيث لا يوجد جهة حكومية تقدم الرعاية الطبية النفسية لهم.
3) وزارة التنمية الاجتماعية لا زالت متعثرة في برامج حماية الأسرة وخاصة برامج الوقاية وتغيير الاتجاهات السلبية بالمجتمع المتعلقة بالعنف، وأيضا هناك ضعف مزمن ببرامج الاستجابة للعنف الأسري والتي تتفاقم وتتكرر ليصاحبها جرائم قتل أسري.
4) هناك غياب أي جهة تتحمل مسؤولية علاج وتأهيل الأطفال مرتكبي الجرائم (الاحداث) بشكل متكامل من الناحية النفسية والاجتماعية، علما بأن الأبحاث تشير لاحتمال نجاح برامج تأهيلهم إذا تمت في وقت مبكر وبالتالي الوقاية من ارتكابهم جرائم، بما فيها القتل، عند تعديهم مرحلة الطفولة.
5) وزارة الداخلية: غياب السيطرة على شيوع أدوات ارتكاب جرائم القتل وخاصة الأسلحة النارية الصغيرة من الناحية التشريعية والتنفيذية، وعدم إعطاء أولوية لمواجهة الاتجار بالسلاح بالسوق السوداء.
6) شيوع التعاطي والاتجار بالمخدرات بأشكالها وخاصة العقاقير الطبية والمخدرات رخيصة الثمن المصنعة محليا، وشيوع فكرة هزيلة من أن الأردن لا زال ممراً للمخدرات وليس منتجا أو مستهلكا لها، علما بأن الترويج و الاقتناع بهذه الفكرة يؤدي لضعف الرقابة من قبل الأهل والمدرسة ومؤسسات المجتمع على الأطفال والأبناء.
7) مجلس النواب: الفجوات في التشريعات الاردنية التي لا زالت تسمح بالإفلات من العقاب وخاصة بجرائم قتل النساء والأطفال داخل الأسرة والمتعلقة بإسقاط الحق الشخصي.
عبارة "نحن جميعنا نتحمل المسؤولية"، أي المجتمع والدولة هي عبارة يعصى علي فهمها... لان من يتحمل المسؤولية في مواجهة عوامل الخطورة هي وزارات محددة تخفق بمهام يتوقع منها أن تنجزها بمهنية وحرفية وبمرجعية قانونية أخلاقية.
الدكتور هاني جهشان، مستشار أول الطب الشرعي

جرائم القتل في الأردن... وذاكرة السمك

 مع كل جريمة قتل لطفل معذب أو قتل أسري او انتحار بعد قتل افراد الاسرة، نرصد ارتفاع في وتيرة النشاط الإعلامي في مجالات (1) التقارير الصحفية (2) كُتّاب الاعمدة (3) الندوات التلفزيونية (4) اعلام المواطن والتواصل الاجتماعي الخ.. وتستمر لبضعة أيام... ولان ذاكرتنا في الاردن كذاكرة السمك نعود بعد بضعة أيام لملهاة السياسة الأردنية ووهم الديمقراطية ومسرحية تشكيل مجلس الوزراء والعرض الساخر لثقة مجلس النواب بالحكومة...

المنفر بالموضوع ان وزارة الصحة ووزارة التنمية الاجتماعية... لا تملك حتى ذاكرة السمك... لان موضوع الوقاية والاكتشاف المبكر لعوامل الخطر المتعلقة بالعنف والجريمة خارج اهتماماتها أصلا وهي غير معنية به مطلقا... وأكثر ما يمكن إنجازه من المؤسسات الأخرى، كالمجلس الوطني لشؤون الأسرة، هو تشكيل لجنة تحقيق تتعثر ببيروقراطية، تخفي وراءها تخلف إداري وفساد المؤسسات ذات العلاقة بموضوع التحقيق، والمخرجات بعد عدة أشهر تقرير هزيل "لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ"

جرائم القتل حسب مرجعيات منظمة الصحة العالمية ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، يقسم لثلاثة أقسام رئيسية كما يلي:
1) القتل المرتبط بالعلاقات ما بين الأشخاص وتكون الجريمة في هذا النوع من القتل بسبب وجود نزاع ما بين الجاني والمجني عليه، أو لقيام الجاني بعقاب المجني عليه لأسباب اجتماعية، ثقافية، او اقتصادية. وينقسم إلى (أ) القتل المرتبط بالنوع الاجتماعي والقتل المرتبط بالعلاقات الأسرية، والقتل العرفي (جرائم الشرف)، والانتحار بعد قتل أفراد الأسرة، وفي هذه الجرائم يكون الجاني والمجني عليه في نفس المسكن أو بينهما علاقة اجتماعية، ويرتبط هذا القتل بعوامل عاطفية أو اقتصادية أو قانونية. (ب) القتل خارج العلاقات الأسرية والعاطفية وهو مرتبط بقضايا الثأر أو الخلاف على الممتلكات، الخلافات ما بين الجيران، أو بين الغرباء تماما بحيث يكون الجاني والمجني عليه لا يعرفان بعضهما البعض مسبقا ويكون القتل هنا مرتبط بفعل عنفي عشوائي بظروف جمعت بينهما، وأيضا مرتبط بهذا النوع القتل الجماعي في أماكن العمل او المدرسة.
2) القتل المرتبط بجرائم جنائية وينقسم الى (أ) القتل المرتبط بالاتجار بالمخدرات وجرائم السرقة والسطو المسلح، والقتل المرتبط بالجرائم الجنسية، وقد لا يكون القتل هو الهدف الرئيسي لكنه ينفذ كجزء من تنفيذ الجريمة او للحيلولة دون اكتشاف السارق او المغتصب. (ب) الجريمة المنظمة من قبل العصابات وتجار المخدرات والأسلحة وتهريب البشر وتستهدف المنافسين او القائمين على العدالة أي الشرطة والقضاء أو استعراضا للقوة والسيطرة على مناطق محددة لشيوع الجريمة المنظمة.
3) القتل المرتبط بأجندات إجتماعية-سياسية ومثال عليها (أ) القتل المرتبط بالإرهاب وجرائم الكراهية، والتمييز العنصري حسب العرق، والجنسية، والدين، والمستوى الاجتماعي الخ... (ب) القتل المرتكب من قبل ضباط تطبيق القانون، (ج) قتل التنظيمات الاجتماعية-السياسية السرية اشخاص لهم رأي معلن دفاعا عن مبادئها. (د) قتل العاملين في مجال الصحافة والخدمات الإنسانية التطوعية وفي مؤسسات الأمم المتحدة. 

شيوع النوع الأول من جرائم القتل المنوه عنه أعلاه موثق في الأردن ويشكل جزءا إحصائيا هاما من مجمل جرائم القتل، وهناك عدة حالات من النوع الثاني المرتبط بالجرائم، وتم مؤخرا توثيق وقوع حالات من النوع الثالث المتعلق بجرائم الكراهية. الوقاية من هذا الجرائم عموما، كما تشير المراجع المعرفية المسندة، لا يعتمد بدرجة كبيرة على تشديد  العقوبة للردع، وإنما على برامج الوقاية الأولية بالتعامل مع عوامل الخطورة للجريمة قبل حدوثها وأيضا على برامج الوقاية الثانوية الموجهة لفئات من المجتمع معرضة للخطر أكثر من غيرها...

إتمام جريمة القتل يتطلب ان يكون هناك دافع للقتل ويتبعه التخطيط وظروف تسمح بالتنفيذ وسياق يوفر أداة الجريمة ومكانها وقدرة على التنفيذ مرتبطة مباشرة بماهية العلاقة ما بين الجاني والمجني عليه، وللأسف يغيب عن ذهن الكثيرين ان جريمة القتل لا تكتمل الا بتراخي وعجف الحكومة...
هل هناك مسؤولية على الحكومة بحدوث مثل هذه الجرائم؟ لنضع النقاط على الحروف بصراحة:
1) وزارة الصحة لا زالت تنأى بنفسها عن مهمة رئيسية تتعلق بحياة وصحة الإنسان وهي الوقاية من العنف والإصابات، على الرغم من توصيات منظمة الصحة العالمية بإنشاء مديرية الوقاية من العنف والإصابات ومنذ عدة سنوات إلا أنها لم تبادر مطلقا للولوج في هذا المجال وكأنها غير معنية به.
2) شيوع الأمراض والاضطرابات النفسية والإدمان وضعف الاستجابة لها على المستوى الوطني بالوقاية وبتوفير الخدمات العلاجية والتأهيلية وبالعمل على تطوير التشريعات المتعلقة بالطب النفسي، ويشمل ذلك وللأسف الأطفال اقل من 18 سنة حيث لا يوجد جهة حكومية تقدم الرعاية الطبية النفسية لهم.
3) وزارة التنمية الاجتماعية لا زالت متعثرة في برامج حماية الأسرة وخاصة برامج الوقاية وتغيير الاتجاهات السلبية بالمجتمع المتعلقة بالعنف، وأيضا هناك ضعف مزمن ببرامج الاستجابة للعنف الأسري والتي تتفاقم وتتكرر ليصاحبها جرائم قتل أسري.
4) هناك غياب أي جهة تتحمل مسؤولية علاج وتأهيل الأطفال مرتكبي الجرائم (الاحداث) بشكل متكامل من الناحية النفسية والاجتماعية، علما بأن الأبحاث تشير لاحتمال نجاح برامج تأهيلهم إذا تمت في وقت مبكر وبالتالي الوقاية من ارتكابهم جرائم، بما فيها القتل، عند تعديهم مرحلة الطفولة.
5) وزارة الداخلية: غياب السيطرة على شيوع أدوات ارتكاب جرائم القتل وخاصة الأسلحة النارية الصغيرة من الناحية التشريعية والتنفيذية، وعدم إعطاء أولوية لمواجهة الاتجار بالسلاح بالسوق السوداء.
6) شيوع التعاطي والاتجار بالمخدرات بأشكالها وخاصة العقاقير الطبية والمخدرات رخيصة الثمن المصنعة محليا، وشيوع فكرة هزيلة من أن الأردن لا زال ممراً للمخدرات وليس منتجا أو مستهلكا لها، علما بأن الترويج و الاقتناع بهذه الفكرة يؤدي لضعف الرقابة من قبل الأهل والمدرسة ومؤسسات المجتمع على الأطفال والأبناء.
7) مجلس النواب: الفجوات في التشريعات الاردنية التي لا زالت تسمح بالإفلات من العقاب وخاصة بجرائم قتل النساء والأطفال داخل الأسرة والمتعلقة بإسقاط الحق الشخصي.
عبارة "نحن جميعنا نتحمل المسؤولية"، أي المجتمع والدولة هي عبارة يعصى علي فهمها... لان من يتحمل المسؤولية في مواجهة عوامل الخطورة هي وزارات محددة تخفق بمهام يتوقع منها أن تنجزها بمهنية وحرفية وبمرجعية قانونية أخلاقية.
الدكتور هاني جهشان، مستشار أول الطب الشرعي

2016/10/09

ورقة مرجعية عن قتل النساء العرفي - ما يسمى جرائم الشرف

لقد تمت الدعوة في الكثير من المناسبات لمواجهة جرائم قتل المرأة بادعاء الحفاظ على الشرف وأجري العديد من الأبحاث والدراسات وورش العمل والمؤتمرات، لكن لم يكن هناك نتائج يمكن قياسيها تشير إلى انخفاض عدد الضحايا، كما وتم تنفيذ العديد من المشاريع بمبادرات مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية داعين لتوعية المجتمع وتغير القانون وتمكين المرأة لكنها لم تحرك ساكنا، ولا زالت المرأة تقتل لأنها تزوجت بدون موافقة أهلها أو للشك بسلوكها أو بسبب تغير في مظهرها.
تعرف جريمة الشرف بأنها الاعتداء العنفي الموجه ضد حياة المرأة من قبل قريب لها، بسبب اعتقاد تولد في نفسه، بارتكابها فعل جنسي أو تصرف سلوكي مشين أو أنها خالفت المعايير الإجتماعية للأسرة.
تفاوت المصطلحات والتعريفات: تعريف الشرف باللغة العربية هو الرفعة العلو وسمو المكانة وهذا يتعارض مع أي أنهاء لحياة الإنسان.
إن الاسم الحقيقي الذي يجب أن يطلق على هذه الجرائم هو "القتل العرفي". حيث إن العرف هو نمط سلوكي سائد في ظروف إجتماعية محددة بعيدا عن القانون، ويشارك في اعتماده قوى إجتماعية ورسمية. فجرائم قتل الشرف هي بالواقع "قتل عرفي" يمثل نمط سلوكي شائع في بعض البيئات الإجتماعية بمجتمعنا العربي الإسلامي، ويرتكب من قبل فئات لها مصالحها الذكورية تتقوى بتراخي نص القانون أو الإخفاق بتطبيقه.
إن التحدي الكبير في الوقاية من القتل العرفي (جرائم الشرف) هو مواجهة هذا العرف التي يعتقد مرتكبي هذه الجريمة خطأ أن القانون يسمح به وأن ثقافتنا العربية الإسلامية تتقبله. وبسبب ما عرف عن عقوبة مخففه على ارتكاب هذه الجرائم العرفية، إن كان بسبب النص المتراخي للقانون أو بتطبيقه، يعتبر مرتكبو هذه الجرائم بأن ذلك هو الضوء الأخضر بالسماح غير المباشر بها.
إن العرف السائد في مجتمعنا العربي الإسلامي يحمل تناقضا واضحا ما بين العادات والتقاليد الإيجابية التي تحمي الفرد والعائلة والمجتمع والتكافل والإصلاح الاجتماعي وما بين العرف الذي يربط بين شرف العائلة وسلوك المرأة وتقبل قتلها إذا أُعتقد أنها انتهكت المعايير التي وضعت لها من قبل الأسرة والمجتمع. هذا التناقض لا يمكن تقبله بأي شكل من الأشكال ومن غير المنطقي أن يتحول العرف إلى جريمة وأن تتحول الجريمة إلى عرف.

خصائص جرائم الشرف:
هذا النوع من الجرائم تكون المرأة هي الشخص المستهدف، بمعنى أن هذا العنف ليس عشوائيا، حيث أن عنصر الخطر يكمن في كون المستهدف أنثى، وتتصف هذه الجرائم بالتسليم بوجودها بالمجتمع وقبول حدوثها دون احتجاج أو ندم، فالمجتمع يتغاضى عن هذه الممارسات والاعتداءات بالصمت، وبأحيان أخرى بالادعاء أنها عادات وتقاليد سائدة لا مجال لتغيرها، وفي بعض الحالات بالسماح بحدوثها بالقانون أو بتطبيقه.

ما هو الحجم الحقيقة لمشكلة جرائم الشرف في الأردن؟
1- هناك جماعات تدعو لتضخيم حجم المشكلة، قد يكون ذلك بدون قصد أو بقصد (1) الإعلام- قد يبحث عن الحقيقة بطريقة الإثارة وقد يكون معهم بعض الحق لأن طبيعة مهنتهم قد تدفعهم إلى ذلك. (2) منظمات حقوق الإنسان- بسبب الحماس العاطفي. (3) وهناك المنتفعين مهنيا الذين يستغلوا تضخيم المشكلة كأداة كسب على سبيل المثال وليس الحصر كتاب الذي صدر عن نورما خوري في السنوات الماضية.
2- هناك أشخاص وجماعات تدعو لحجب حجم المشكلة من مثل مؤسسات الحكومة أو مجلس النواب لأنهم ببساطة لا يرغبون مواجهة الواقع لأن ذلك يزيد العب عليهم، وقوى سياسية حزبية والقيادات العشائرية، تدفع لحجب المشكلة لإنجاح أجندتها الخاصة بها وللإبقاء على دورها في الثقافة الذكورية السائدة وهناك أيضا المحامين الذين يستفيدوا من حجب المشكلة بهدف عدم تعدي القانون، لأن الابقاء على القوانين الحالية يساعدهم في عملهم بالحصول على أحكام مخففة على مرتكبي هذه الجرائم.
3-  ما بين النقيضين (الوضع كما هو) هناك الحقيقة القائم على الدليل العلمي وهو أن شيوع الجريمة في الأردن بشكل عام هو منخفض لا يتجاوز 2.6 لكل 100000 نسمة سنويا مقارنة مع الرقم العالمي وهو 7 والرقم في المدن الغربية الكبرى والذي يصل إلى 10 لكل 100000 نسمة سنويا. إن ثلث ضحايا جرائم القتل لدينا وكذلك لديهم في الغرب هن من النساء بمعني أن إحتمال المرأة أن تقتل لأنها امرأة في العواصم الغربية هو أربع أضعاف احتمال أن تقتل في الأردن.

ما هي جذور مشكلة جرائم الشرف
صفات الضحية: قد تأتي المرأة المهددة بالقتل أو الضحية قبل وفاتها بسلوك أو تصرف يولد الشك والاتهام ويعتبر انتهاكا لأخلاقيات الأسرة.
1)     إن مفهوم عذرية المرأة يتعدى المفهوم الطبي التشريحي للبكارة، إلى العذرية السلوكية حيث يطلب من المرأة أن تظهر بشكل معين وتتصرف بسلوكيات معينة وان تتكلم بطريقة معينة وتلبس بطريقة معينة، بحيث توحي للجميع أن ليس لها علاقة مع أي شخص كان، فعلى سبيل المثال قد تقتل إذا شوهدت برفقة رجل إن كان في منزلها أو خارجه (الجامعة أو الشارع الخ...) أو أنها عادت إلى المنزل متأخرة وقد يكون القتل بسبب سلوك التغيب عن منزل الأسرة (وإن كان سبب التغيب عنف تعرضت لها الفتاة داخل الأسرة).
2)     العذرية الاجتماعية حيث هي ملزمة بسلوك محدد، يحد من علاقتها مع الرجال في الظروف الاجتماعية المختلفة فقد تقتل إلى تزوجت من رجل دون موافقة ولي أمرها.
3)     تكون قد ارتكبت جريمة الزنى كما نص عليها قانون العقوبات الأردني، إن كانت متزوجة أو غير متزوجة.
4)     التشكيك بعذرية المتزوجة حديثا حيث لا تظهر علامة عذريتها.
5)     قد تكون ضحية اغتصاب أو استغلال جنسي من داخل الأسرة أو خارجها.

صفات الجاني:
1)     مفهوم الذكورة لدى القاتل هو أن على الرجل أن يحمي، يراقب، ويدافع عن كافة أنواع عذرية المرأة قريبته، ويفسر هذا أنه في صالح المرأة، فإذا لم يقم هذا الرجل بحماية أو مراقبة أو الدفاع عن عذرية هذه المرأة يكون قد أخل بصورته كرجل أمام المجتمع.
2)     يقوم باتخاذ أنماط سلوكية قهرية لمنع المرأة من انتهاك حدود كافة أنواع العذرية المفروضة عليها، بما فيها السلوكية والاجتماعية، بواسطة العنف الجسدي أو الحبس داخل جدران المنزل أو الرقابة الدائمة أو التخويف بالسمعة السيئة، مما يشكل بحد ذاته نوعا من أنواع العنف والتميز ضد المرأة.
3)     عادة ما يكون لديه مخزون من الشحن العاطفي، الاندفاع، عدم التروي، وعدم التواصل السليم للتعامل مع المعلومات المتعلقة بسلوك الضحية.

صفات الأسرة والمجتمع المحلي:
1)     أسرة ممتدة أو أقارب يسكنون بجانب بعضهم البعض بأحياء شعبية فقيرة، ومكتظة.
2)     المرجعية الأخلاقية للأسرة هي نظرة الأخرين لها والحفاظ على السمعة الطيبة.
3)     هذه المجتمعات لا تتصف بالستر بل تتلذذ بالكلام والشائعات.
4)     لا تتصف بالتسامح والنظرة الإيجابية للحياة مما يولد بيئة تتقبل ما يسمى جرائم الشرف.

الثقافة الإجتماعية والقيم الأخلاقية السائدة:
1)     المفهوم السائد عن الأنوثة وعن الرجولة في المجتمع، فمكانة الرجل الفوقية مقارنة مع دونية المرأة والتي يجب الحفاظ عليها بكل ما يمكن وهذه الصورة موروثة اجتماعيا وتتكون من أن المرأة هي الأضعف ويجب السيطرة عليها، المرأة هي مُلك للرجل، المرأة بحاجة لتوجيه، المرأة بحاجة لتأديب وعقاب.
2)     الثقافة السائدة في المجتمع نحو المرأة انعكست على الجهات الرسمية التشريعية والخدماتية، فمقدمو الخدمات يتعاملوا مع سلوك وموقف المهددة بالقتل بطريقة أمنية بها خليط من الحماية الزائدة من مثل الكشف الطبي غير المبرر والحجز الاحترازي ومن التحقير واللوم لها وهناك عدم كفاية في عدد وكفاءة المؤسسات الإجتماعية في التعامل مع هذه الحالات بالإضافة الا ان الثقافة السلبية السائدة انعكس على تقبل التشريعات التي تسمح ولا تعاقب على هذه النوع من القتل.

مسئولية الدولة نحو جرائم الشرف كانتهاك لحقوق الإنسان:
أولا: الشرع الإسلامي وجرائم الشرف: الإسلام لم يسمح بجرائم الشرف بأي شكل من الإشكال، فالشريعة الإسلامية تدين بشكل واضح جريمة وئد الأطفال، والاسلام يحترم النفس البشرية، "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنّما قتل النّاس جميعاً ومن أحياها فكأنّما أحيا النّاس جميعاً" (32) المائدة. "ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا."(الاسراء:)32 وقال تعالى "الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر وليشهد عذابَهُما طائفة من المؤمنين." (النور 2) وحكم الجلد يفضي إلى شروط وقوع الجريمة، والشهادة عليها، وأول شرط أربعة شهداء بدلالة قوله تعالى: "واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهنّ أربعة منكم" (النساء )15 وقوله "والذين يرمون المحصَّنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة" (النور: 4).  وفي آيات اللعان قال تعالى: "والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء الا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها ان كان من الصادقين" (النور:7 - 8)
ثانيا: الثقافة الاجتماعية السائدة وتقبل القتل العرفي، وكما تم التوضيح بالمقدمة فالعرف هو نمط سلوكي سائد في ظروف إجتماعية محددة بعيدا عن القانون، ويشارك في اعتماده قوى إجتماعية ورسمية، فجرائم قتل الشرف هي بالواقع "قتل عرفي" يمثل نمط سلوكي شائع في بعض البيئات الإجتماعية بمجتمعنا العربي الإسلامي، ويرتكب من قبل فئات لها مصالحها الذكورية تتقوى بتراخي نص القانون أو الإخفاق بتطبيقه، وفي مواجهة ذلك تتحمل الدولة مسؤولية تعديل السلوكيات والأعراف السلبية في المجتمع حفاظا على حقوق المواطنين الذين يتأثرون سلبا بهذه الأعراف
ثالثا: التشريعات المتعلقة بجرائم الشرف ففي القانون الأردني هناك المادة 340 والمادة 98 في قانون العقوبات الأردني اللتان
تستخدمان عادة من قبل القضاء لتخفيض العقوبة على مرتكبي جرائم الشرف ليصل إلى بضعة أشهر بدل الإعدام او الحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة. هذه المواد مشتقة من قانون العقوبات الفرنسي في بداية القرن التاسع عشر. (المادة رقم 324 من قانون العقوبات الفرنسي لسنة 1810) وتم نقل القانون إلى الدولة العثمانية ومن ثم إلى مختلف الدول العربية، ففي مصر هناك المادة 237 عقوبات، وفي تونس المادة 207، ليبيا المادة 375، الكويت المادة 153، العراق المادة 279، وتركيا المادة 262.
رابعا: أدى سيطرة العرف السلبي، المشار إليه سابقا، على المجتمع إلى تقبل جرائم الشرف بما في ذلك تأثير الثقافة والعادات على نظم العدالة الجنائية وعلى نوعية وماهية الخدمات المقدمة للضحايا وعلى العقوبات التي تطبق على الجناة، وقد تم ربط ذلك بشكل خطأ حول نظرة الإسلام لهذه الجريمة التي لا تم للشرع الإسلامي بأي شكل من الأشكال. تعاضد شيوع هذه الثقافة مع ضعف نصوص التشريعات التي تتعامل مع جرائم الشرف، ونتج عن ذلك تراخي الشرطة بالتعامل مع قضايا جرائم الشرف، وتقبل المشرعين الخلل في القوانين المتعلقة بجرائم قتل المرأة واستمرار الإخفاق في تغير وتطوير وتعديل التشريعات المتعلقة بالمرأة عموما وبملاحقة جرائم الشرف تحديدا.

مساءلة هيئات الأمم المتحدة عن جرائم الشرف كانتهاك لحقوق الإنسان:
جرائم الشرف تتعدى كونها جريمة من قبل شخص إلى كونها انتهاك لحقوق الإنسان بسبب تراخي الدولة بالتشريعات أو بتطبيقها وبسبب الإخفاق بتوفير الخدمات الاجتماعية والطبية والنفسية والقانونية الجيدة للمعرضات للقتل، فهي انتهاك الدولة للحق في الحياة وخرق لالتزاماتها لمعاهدات حقوق الإنسان.
جرائم الشرف هي انتهاك لمبادئ عدم التمييز والمساواة كما وردت في” اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو و“العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسيةكما أن جرائم الشرف هي شكل من أشكال العنف ضد المرأة. قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم قرار رقم 68/55 لعام 2000.
وردت هذه الجرائم بتعبير "جرائم الشرف" في عدة قرارات للجمعية العامة للأمم المتحدة.  هذه الجرائم هي إعدام خارج نطاق القضاء، والإعدام التعسفي: قرار رقم 111/55 لعام 2000. دعا هذا القرار الدول للتحقق بدقة وشمولية في جرائم القتل التي ترتكب باسم الشرف والعاطفة ومعاقبة الجناة بعدالة أمام قضاء مستقل عادل والتأكد من أنه لا يتم التغاضي عنه من قبل الشرطة والمسئولين
القرار رقم 66/55 لسنة 2000 متعلق بجرائم الشرف وتميزها بشكل واضح عن جرائم العاطفة، وفي هذا القرار أكدت الجمعية العامة للأم المتحدة بأن على الدولة التزام الحقيقي لمنع والتحقيق وعقاب مرتكبي جرائم الشرف، وتوفير الحماية للضحايا المهددات بالقتل، وورد بالقرار أن إخفاق الدولة بذلك يشكل انتهاكا لحقوق الإنسان. (26 دولة امتنعت عن التصويت منها الأردن وباكستان). هناك تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول العمل من أجل القضاء على الجرائم المرتكبة ضد المرأة باسم الشرف في تموز / يوليو 2002. وقرار رقم 179/57 في الدورة 57 للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2002 للتأكيد على ما سبق.
جرائم الشرف هي خرق لاتفاقية حقوق الطفل في المواد 2، 3، 6، و19 والمتعلقة بالحفاظ على الحق بالحياة والصحة والمصلحة الفضلى للطفل والحماية من كافة أشكال العنف والاستغلال بما فيها الاستغلال الجنسي.
المادة 2 المتعلقة بعدم التميز والمساوة.

التوصيات:
الإجراءات القانونية قصيرة ومتوسطة المدى المتوقع من الحكومات أن تقوم بها.
1)     ضمان أن القوانين التي تتعامل مع جرائم الشرف وأهمها قانون العقوبات، لا تتراخي ولا تبيح هذه الجرائم، ولا تتضمن نصوص تميز المرأة عن الرجل، أو أعذار محلة أو مخففة. ويجب أزاله هذه المواد من القوانين. كما يجب تجريم أفعال المتدخلين أو المساعدين، أو المحرضين على ارتكاب مثل هذه الجرائم.
2)     ضمان الحكومة والسلطة القضائية على تطبيق هذه القوانين بطريقة تضمن عدم التمير ضد النساء.
3)     ضمان عقاب المعتدين بجدية، وتوثيق جميع القضايا، والتحقيق بها بجميع الوسائل العلمية، وضمان التعويض للضحايا. برامج تدريب وتوعية للشرطة والقضاة.
4)     ضمان أن تقدم الحكومة المساعدة العاجلة المتكاملة للمهددات بالقتل تشمل المساعدة القانونية والنفسية والاجتماعية، والتي يجب أن تكون سرية ومجانية.
5)     توفير دور الضيافة المناسبة، والتي تقدم خدمات الرعاية العاجلة والتي قد تكون مؤقتة وكذلك خدمات الرعاية اللاحقة للخروج من دور الضيافة، ويتوقع أن يكون هناك رعاية خاصة للفتيات صغيرات السن المهددات بالقتل.
6)     تثقيف المعرضات للخطر بحقوقهن القانونية ومبادئ حقوق الإنسان.
الإجراءات والاستراتيجيات بعيدة المدى لمنع وللقضاء على جرائم الشرف
1)     تدريب المهنيين في القطاعات المختلفة في مجالات حقوق الإنسان والمساوة. بما في ذلك برامج خاصة للإعلامين.
2)     تعليم وتميكن المرأة وتنمية قدراتها.
3)     تضمين جرائم الشرف في كل برامج مناهضة العنف ضد المرأة.
4)     برامج التوعية الهادفة لضمان المساواة ما بين الرجل والمرأة، باستخدام الإعلام، ونظم التعليم، والنظم الدينية.

من المسئول عن التخلص من هذا العرف الاجتماعي السلبي؟
يجب الاعتراف بإن الخدمات الإجتماعية والقانونية والطبية والإدارية التي تقدم للمعرضات للقتل من النساء قد تطورت في أغلب الدول العربية والإسلامية، بشكل إيجابي خلال السنوات الماضية، كما وأن برامج تمكين المرأة اجتماعيا واقتصاديا أظهرت نجاحا على أرض الواقع وبكل المقاييس العلمية الحيادية، فلماذا إذاَ لا زال هناك قتل بادعاء الحفاظ على الشرف؟ الجواب ببساطة أن الخدمات للمعرضات للقتل وبرامج تمكين المرأة وحتى أكبر الدراسات والمؤتمرات لن تغير من طبيعة أن جريمة الشرف هي "جريمة عرفية" وللتخلص منها يجب أن نقضي على هذا العرف السلبي السائد في المجتمع. أنها دعوة لقادة مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وممثلي الشعوب ومجالس الأمة ومجالس الشورى للتوقيع على "ميثاق شرف" يستنكر ويشجب هذا العرف السلبي المنتشر في بعض البيئات الإجتماعية في دولنا العربية والإسلامية ونداء للسلطات التشريعية في هذه الدول لأن تتحمل مسؤوليتها لتحول محتوى هذا الميثاق إلى قوانين تحمي المرأة كما تحمي أي مواطن عربي مسلم على حد سواء.
هاني جهشان مستشار اول الطب الشرعي
الخبير في مواجهة العنف لدى المؤسسات الدولية